الحديث ومصطلحه

أسباب ظهور الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم

لم يكن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم معروفاً أول الإسلام , وإنما أدى الى ظهوره - بعد ذلك - عوامل منها :

1- الخلاف الذي دبَّ بين المسلمين , وانقسم الناس - بسببه - الى فرق مختلفة , وظهرت العصبيات للفرق والبلدان والمذاهب والاجناس وغيرها , فراح بعض المسلمين لهذه الفرق والمتعصبين لها يبحث عما يؤيد رأيه من النصوص , فإن لم يجد تجرأ بالوضع على النبي صلى الله عليه وسلم .

ومن أمثلة ذلك الحديث الموضوع :

(( إن أبغض الكلام إلى الله تعالى الفارسية ,... وكلام أهل الجنة العربية ))

2- العداء للإسلام , وقصد تشويهه

وذلك أن بعض الزنادقه - من أبناء الأمم المغولية - اندسوا بين المسلمين , وراحوا يحاولون إفساد هذا الدين , من خلال وضع الاحاديث المتناقضه أو المستقبحة , وينسبونها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولذلك أمثلة كثيرة , منها :

الحديث الذي وضعه محمد بن سعيد الشامي - المصلوب بسبب الزندقة -:

(( انا خاتم النبيين , ولا نبي بعدي إلا أن يشاء الله ))

وأصل الحديث صحيح وإنما وضع فيه قول ( إلا أن يشاء الله )

3- قصد الترغيب والترهيب لحث الناس على الخير :

وذلك أن قوماً من المنسوبين للزهد والتعبد , لما رأوا بُعد الناس عن الدين والقرآن حملهم جهلهم على وضع أحاديث ليرغبوا الناس - بزعمهم - في الخير , ويزجروهم عن الشر . وهذا النوع من الوضَّاعين أعظم ضرراً من غيرهم , وسبب ذلك : أن الناس قد يقبلون موضوعاتهم ثقة بهم , لعدم توقع الكذب منهم .

ومن أمثلة ذلك

أن أبا عصمة نوح بن أبي مريم وضع حديثاً عن عكرمة , عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في فضائل القرآن سورة سورة , فلما سئل : من أين لك هذا ؟ قال : إني رأيت الناس أعرضوا عن القرآن , واشتغلوا بفقه ابي حنيفه , ومغازي ابن إسحاق , فوضعت هذا الحديث حسبة

4- التوصل إلى أغراض دنيوية

كتنفيق سلعة , أو لمصلحة خاصة بالواضع , أو تجميع الناس حوله وابتزاز اموالهم كما يفعله بعض القصاص والشحاذين , وغير ذلك من الأغراض .

مثاله
ما وضعه غياث بن ابراهيم حين أدخل على الخليفة المهدي , وكان المهدي يحب الحمام , فإذا قدامه حمام , فقيل لغياث : حدِّث أمير المؤمنين , فقال : حدثنا فلان عن فلان , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(( لا سبق إلا في نصل , أو خف , أو حافر , أو جناح ))

وأصل الخبر مشهور , لكنه زاد فيه : ( أو جناح ) تقرباً للخليفة .

جهود العلماء في دفع الكذب عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

قد هيأ الله تعالى الأسباب لحفظ السنة , فسخَّر لذلك علماء جهابذة , قضوا جل أوقاتهم في جمعها وحفظها وتدوينها والعناية بها , والبحث عن رواتها , ونقد مروياتهم , وأوجدوا موازين يعرف بها صحيح الحديث من سقيمه , فنشأ عن ذلك علم مصطلح الحديث بفنونه المتنوعة .

سئل ابن المبارك - رحمه الله تعالى - عن هذه الأحاديث الموضوعة , فقال : يعيش لها الجهابذة
.
وقال ابن المبارك - أيضاً - لو همَّ رجل في السحَر أن يكذب في الحديث , لأصبح الناس يقولون فلان كذَّاب .

وعن ابن عُلَيَّة , وإسحاق بن ابراهيم , قالا : أخذ هارون الرشيد زِنْدِيقا ً فأمر بضرب عنقه , فقال له الزنديق : لم تضرب عنقي ؟ قال : لأريح العباد منك , فقال : ياأمير المؤمنين , أين أنت من أربعة آلاف حديث وضعتها فيكم ؟! أحرِّم فيها الحلال , وأحلِّل فيها الحرام , ما قال النبي فيها حرفاً , فقال له الرشيد : أين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفزاري , وعبدالله بن المبارك , ينخلانها نخلاً , فيخرجانها حرفاً حرفاً .

قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى : ولقد ردَّ الله كيد هؤلاء الوضَّاعين والكذَّابين بأحبار أخيار , فضحوهم وكشفوا قبائحهم , وما كذب أحد قط إلا وافتضح .

ويمكن إجمال أهم ما قاموا به في الحفاظ على السنة , وإبعاد الدخيل عنها بما يلي :

1- الرواية بالإسناد , والرحلة لأجله , وعدم قبول الأخبار غير المسندة

2- تدون الأحاديث , وجمعها في الكتب .

3- حفظ الأحاديث بأسانيدها , والمقارنة بين المرويات , حتى يتبين الصواب من الخطأ

4- البحث عن أحوال الرواه , وأخبارهم , وبيان الكاذب من غيره , ووضع ضوابط لمن تقبل روايته

5- حفظ الأحاديث الموضوعة , وتدون الكتب فيها , والغرض من ذلك التحذير منها ؛ لئلا يظن مَن سمِعها أنها صحيحة

قال الحافظ بن كثير - رحمه الله تعالى - في وصف أئمة الحديث : الذين كانوا يضلِّعون من حفظ الصحاح , ويحفظون أمثالها , وأضعافها من المكذوب , خشية أن تروج عليهم , أو على أحد من الناس

ومن المضنفات في الأحاديث الموضوعة

أ - الموضوعات , لابن الجوزي

ب - المنار المنيف في الصحيح والضعيف , لابن قيم الجوزي , وفيه قواعد وضوبط مفيدة

ج - الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة , للشوكاني

6 - وضع ضوابط يعرف بها الحديث الموضوع , مثل :

أ - اشتمال الحديث على مجازفات لا يقول مثلها النبي صلى الله عليه وسلم كالحديث المكذوب : ( من قال لا إله إلا الله خلق الله من تلك الكلمة طائراً له سبعون ألف لسان , لكل لسان سبعون ألف لغة يستغفرون الله له )

ب - تكذيب الحسِّ له مثل ما روي : ( الباذنجان شفاء من كل داء ) , وليس تطبيق مثل هذه القواعد مشاعاً لكل أحد , بل هو خاص بمن له علم ومعرفة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

.

جــزاااكـ الله خير إن شاءالله

ع الشرح مووضوع مميز ي ضياء البروق

سلمت يداااكـ أخــوي

تـحياتي

الله يجزاك خيرا ويعطيك الف عافية اميرة الورد
دمت لنا مع خالص تحياتي