الــــــخـــــــــوبــــــــــة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الــــــخـــــــــوبــــــــــة


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 لا يعجبنك من يصون ثيابه

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ضياء البروق
إدارة المنتدى
إدارة المنتدى
ضياء البروق



الأوسمة والأنواط
وسام التميز وسام التميز: 1

لا يعجبنك من يصون ثيابه Empty
مُساهمةموضوع: لا يعجبنك من يصون ثيابه   لا يعجبنك من يصون ثيابه I_icon_minitimeالخميس يونيو 20, 2013 7:39 pm


ارتاح محمد بن عبدالله بن طاهر يوماً للندامة , وقد حضر ابن طالوت , وكان وزيره وأخص الناس به وأحضرهم لخلواته , فأقبل عليه , وقال : لا بد لنا اليوم من ثالث تطيب لنا به المعاشرة وتلذ بمنادمته المؤانسة ؛ فمن ترى أن يكون ؟ وأعفنا أن يكون شرير الأخلاق , أو دنس الأعراق , أو ظاهر الإملاق

قال ابن طالوت : فأعملت الفكرة , وقلت : أيها الأمير ؛ خطر ببالي رجل ليس علينا من مجالسته مؤونة , وقد برئ من إبرام المجالسين , وخلا من ثقل المؤانسين , خفيف الوطأة إذا ادنيته , سريع الوثبة إذا امرته

قال : ومن ذلك , قلت : ماني الموسوس . قال : أحسنت والله ! فما كان بأسرع من أن أقتنصه صاحب الشرطة ؛ فصار به الى الأمير , فإخذ ونظف وأدخل الحمام , وألبس ثياباً نظافاً , وأدخل عليه , فقال : السلام عليك أيها الأمير , فقال : محمد : وعليك السلام يا ماني . أما آن لك ان تزورنا على حين توقان منا إليك , ومنازعة قلوب منا نحوك ؟ فقال : الشوق شديد , والحب عتيد , والمزار بعيد , والحجاب صعب , والبواب فظ , ولو سهّل لنا في الإذن لسهلت علينا الزيارة ! فقال : ألطَفتَ في الاستئذان , فيليلطف لك في الإذن ؛ لا يمنع ماني أي وقت ورد من ليل أو نهار

ثم أذن في الجلوس فجلس , ودعا بالطعام فأكل , ثم غسل يديه , وأخذ مجلسه . وكان محمد قد تشوق إلى السماع من مؤنسة جارية بنت المهدي فأحضرت , فكان أول ما غنت به :

ولست بناس - إذ غدوا فتحملوا -   ***   دموعي على الخدين من شدة الوجد

وقولي وقد زالت بليل حمولـــــهم    ***   بواكر تُحدي : لا يكن آخر العهـد


فقال ماني : أحسنتِ ! وبحق الأمير إلا ما زدت فيه :

وقمت أناجي الفكر والدمع حائر   ***   بمقلة موقوف على ا لصبر والجهدِ

ولم يعدني هذا الأمير بعدلـــــــه   ***   على ظالم قد لج في الهجر والصَّدِ


فاندفعت تغنيه , فقال له محمد : أعاشق أنت ؟ فاستحيا , وغمزه ابن طالوت ألَّا يبوح له بشيء فيسقط من عينيه , وقال : مبلغ طرب وشوق كان كامناً فظهر ؛ وهل بعد الشيب صبوة !

ثم اقترح على مؤنس’ هذا الصوت :

حجَّبوها عن الرياح لأنــــــــي   ***   قلت : لرياح بلِّغيها السلاما

لو رضوا بالحجاب هان ولكن   ***   منعوها عن الرياح الكلامـا

فغنته ؛ فطرب محمد , ودعا برطل فشرب , فقال ماني : ما على قائل هذا الشعر لو زاد فيه :

فتنفّستُ , ثم قلت لطيفـي :   ***   آه إن زُرتَ طيفها إلماما

خُصّه بالسلام مني فأخشى   ***   يمنعوها لشقوتي أن تناما

لكان أثقب لزنده الصبابة بين الأحشاء , وأشد تغلغلاً إلى الكبد الصادية من زلال الماء , مع حسن تأليف نظمه , والانتهاء بالمعنى إلى نهاية تمامه ؛ فقال محمد : أحسنتِ ! ثم أمر مؤنسة بإلحاقهما بالبيتين الأولين , والغناء بهما , ففعلت . ثم غنت بهذين البيتين :

يا خليليّ ساعة لا تريما   ***   وعلى ذي صبابة فأقيما

ما مررنا بدار زينت إلَّا   ***   هَتَك الدمع سرنا المكتوما


فاستحسنه محمد , فقال ماني : لولا رهبة التَّعدي لأضفت إلى هذين البيتين بيبتين لا يردان على سمع ذي لب فيصدران إلا عن استحسانٍ لهما , فقال محمد : يا ماني : الرغبة في حسن من تأتي به حائلةٌ دون كل رهبة , فهات ما عندك ! فقال :

ظبية كالهلال لو تلحظ الصخـ   ***   ـر بطرفٍ لغادَرتْهُ هشيما

وإذا تبسَّمَتْ خِلْتَ إيمـــــــــــا   ***   ضَ بُروقٍ أو لؤلؤاً منظوما


فقال أحسنت يا ماني ! فأجز هذا الشعر

لم تطلب اللذات إلا بمــــن   ***   طابت بها اللذات مأنوســـــة

غنت بصوت أطلقت عَبرةً   ***   كانت بسجن الصبر محبوسة


 فقال ماني :

وكيف صبر النفس عن غادة   ***   أظلها إن قلت طاووسة !

وجُرت إن شبهتها بانــــــــةً   ***   في جنة الفردوس مغروسة

 وغيرُ عدل إن عدَلْنا بــــها   ***   جوهرةً في البحر مغموسة


ثم سكت , فقال محمد : ما عدا في وصفه لها , فقال ماني :

جلَّت عن الوصف فما فكرة   ***   تُلحِقها بالنعت محسوسة


فقال محمد : أحسنت ! فقالت مؤنسة : وجب شكرك يا ماني . فساعدك الدهر , وعطف عليك إلفك , وقارنك سرورك , وفارقك محذورك , والله يديم لنا ذلك ببقاء من به اجتمع شملنا , فقال لها ماني - عند قولها : " وعطف عليك إلفك "- مجيباً

ليس لي إلفٌ فيعطفني   ***   فارقت نفسي الاباطيل

أنا موصول بنعمة من   ***   حَبلُه بالمجد موصـول

أنا مغبوط بنعمة مــن   ***   طبعه بالمجد مأمــــول  
 

فأومأ إليه ابن طالوت بالقيام فنهض , وهو يقول :

ملك قلَّ النظير لـــه   ***  زانه الغُرّ البهالــــــــيل

طاهريُّ في مواكبه   ***   عُرفُه في الناس مبذول 

فقال محمد : وجب جزاؤك لشكرك على غير نعمة سبقت , ثم أقبل على ابن طالوت , فقال : ليست خساسة المرء , ولا اتضاع دهره , ولا نُبُوّ العين عن الظاهر بمُذهبٍ ما ركب فيه الأدب , وما أخطأ صالح بن عبدالقدوس حين يقول :

لا يعجبنك من يصون ثيابه   ***   خوف الغبار وعرضه مبذول

فلربما افتقر الفتى فرأيتـــه   ***   دنس الثياب وعرضه مغسول


فلم يزل محمد مجرياً عليه رزقه حتى توفي







***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المغترب
عضو
عضو




لا يعجبنك من يصون ثيابه Empty
مُساهمةموضوع: رد: لا يعجبنك من يصون ثيابه   لا يعجبنك من يصون ثيابه I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 02, 2013 5:09 am

استمتعنا وامتعتنا يعطيك الف عالفيه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ضياء البروق
إدارة المنتدى
إدارة المنتدى
ضياء البروق



الأوسمة والأنواط
وسام التميز وسام التميز: 1

لا يعجبنك من يصون ثيابه Empty
مُساهمةموضوع: رد: لا يعجبنك من يصون ثيابه   لا يعجبنك من يصون ثيابه I_icon_minitimeالأربعاء يوليو 03, 2013 11:37 pm

يعطيك العافية ايها المغترب
اشكر مرورك الجميل

تحياتي

 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لا يعجبنك من يصون ثيابه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الــــــخـــــــــوبــــــــــة :: منتدى القصة والرواية-
انتقل الى: