الرجال اخذ البتاع
قابلت رجلا مصريا - اثناء زيارتي لمصر - فقال لي مستحضرا ذكرياته لقد أقمت في بلدكم خمس عشر سنة , وعرفت كل شئ فيها , سوى كلمة ترددونها كثيرا حينما تتحدثون عن جانب سري , ولم اعرف بعد ما هي ما تتكلمون عنه هل هو انسان او حيوان او جماد؟
فقلت مستفسرا ماهي هذه الكلمة فقد اشرحها لك اذا كنت مدركا لمعناها؟ قال تقولون أشترينا الرجال , وجاء الرجال , وذبحنا الرجال . نظر الي مليا واستأنف بودي من فضلك , أن تترجم لي هذه الكلمة الغريبة ومعناها , هل ان حروف اللغة العربية شحيحة الى الدرجة التي ترغمكم على سحب لفظة واحدة للتعبير عن مواقف كثيرة؟ وقبل ان تتفضل وتجيبني لن اخفيك سرا اذا قلت لك بأني تعرضت لموقف صعب جدا بسبب هذه الكلمة في بداية اقامتي لديكم .
سألت بفضول وما هو هذا الموقف؟
قال دعاني رب عملي (كفيلي) الى عشاء دسم في استراحته , وحين حضرت اخذ مع بعض اصدقائه يتحاورون بكلمات غير مفهومه , وحين جن الليل اوقدوا نار الشواء وسأل احدهم الاخرقائلا هل نذبح الرجال الان او بعد قليل ؟ فخفت خوفا شديدا , واخذت اتحسس على رقبتي وأدقق مذعورا في وجوه القتلة
, فقال احدهم دعونا نتسامر قليلا فما زال امامنا الكثير من الوقت , دعوه يرتاح قليلا , ثم بعد ذلك نذبحه
لم يكن الامر يحتاج الى ذكاء كبير للوصول الى استنتاج منطقي , كان الامر جليا كالشمس في الضاحية , انه تصريح بذبحي وليس مجرد تلميح , هؤلاؤ القوم الاشرار استدرجوا مخلوقا مسكينا مثلي ليذبحوه كشاة سمينة , ففزعت فزعا مستطيرا , وطاف بي الخوف من كل صوب , وعصفت دوامة غبارية دمرت رشدي , وكدت افقد الوعي وأنا انظر الى السكين الرهيب الذي يلمع بيد مضيفي على وهج النار المشتعلة.
سألت نفسي لماذا يريد هؤلاء الوحوش ذبحي , لابد انهم يخططون لالتهامي , لا شك انهم من سلالة آكلي لحوم البشر,ضاع عمرك يا حسنين؟
واخذت افكر جديا بالخلاص وتحفزت للهروب , حاولت ا اسلم ساقي للريح ولكن الخوف كان قد شل اعضائي , فقبعت انتظر يائسا مصيري المحتوم , وفكرت في زوجتي المسكينة التي ستترمل بعد قريب , وأغرورقت عيناي حين تذكرت اولادي الذين سيصبحون يتامى بعد دقائق , وتذكرت عزبتنا الصغيرة في الصعيد , وبينما كنت اعيش في عالم اخر , قام احدهم وأحضر سكينا آخر اكبرمن الاول وأخذ يسنه أمامي فخانتني اعصابي , وبللت نفسي , ثم التفت الجلاد الى أصدقائه وهو ينظر الي مبتسما , سائلا سأذبحه انا اي واحد منكم سوف يتبرع بمسك الرجال حتى اذبحه ؟ في هذه اللحضة القاتلة نسيت فيها نفسي واختلج فيها جسمي ونشف ريقي وربما عملت شيئا خفيا أثقل من الاول تحتي.
لم أكترث ان يكتشف هؤلاء سري فالشاة لا يهمها السلخ بعد الذبح , كنت قد فعلت ذلك دون ارادتي وأنا معذور يا خلق الله , من منكم جرب ان يرى الموت بعينيه ؟
المهم اني شعرت ان لساني قد اصبح حجرا , اعتقدت في تلك اللحضات الحرجة القاسية اني شللت حقا ثم جمعت قواي وحشدت كل طاقاتي في لساني وقلت لهم بصوت مرتعش بالكاد يسمع ما ذنبي ؟؟
فرد علي احدهم انت ضيف ولم نطلع منك المساعده فارحنا وارح نفسك , ففهمت العباره حسب ما كان يخالجني وكأنه قال : كيف تساعدنا وانت المعني بالذبح , حسبك ان تعد نفسك للقاء ربك وألا تقومنا حين نقوم بذبحك .
وحين اقترب الاجل مني قمت على عجل من حلاوة الروح وهرولت متلمسا سبل النجاة , وانـا اقول في نفسي لن اسلم رقبتي لسكين هؤلاء القتلة لن اموت رخيصا وياروح ما بعدك روح .
فلحق بي احدهم معتقدا باني غضبت , لأني فهمت كلامه على غير محله وأزداد فزعي حين رأيته يركض خلفي والسكين يلمع في يده فأسرعت واسلمت ساقي للريح , ولكنه ادركني وامسك بي من معصمي وقال وانا اكاد اموت من الهلع : أراك تريد الخروج هل اغضبناك .؟
فتمالكت نفسي وقلت ياليت ولكني من ذا الذي يرى سكين الذبح ولا يفر هاربا .!!
فلم يستوعب الرجل الهواجس التي سيطرت علي , وعقب على كلامي قائلا : معك حق انت لم تعتد على مشاهدة الذبح ..اطمئن لن نذبح التيس امامك بل سوف نذبحه خلف السياج فلا تقلق .
هدأت لواعجي قليلا وجمعت اشلاء شجاعتي وقلت : انتم تقولون سوف نذبح الرجال !
ففسر العبارة وشرح الحقيقة الجلية دون ان يستوعب أبعاد استفهامي وقال : تقصد التيس .؟ هل ضننت اننا سنذبح خزيرا مثلا لنطعمك لحما حراما ؟
فلم اشأ ان اشرح له ما دار في خلدي من مخاوف . خشية ان اصبح اضحوكة بينهم , بل تصنعت الشجاعة وقلت معتدلا اردت التجول خارج الاستراحة لاكتشاف هذه المنطقة ثم للحركة والرياضة والاستمتاع بهواء الليل المنعش.
فحمد تصرفي وعدنا معا , وهكذا سلم الرجل من الذبح , وذبح التيس عوضا عنه , وتناولنا طعاما طيبا وحين لاحظ البعض انني مبتل قلت يا إلهي ما هذا الجو الحار الذي لا يطاق لقد ذبت عرقا حتى كدت اغرق .
ارجوا ان تكون حازت رضاكم
موضوع: قصة طريفة لمصري عاش في السعودية 
الخميس يناير 19, 2012 12:07 am