راحة العباد في الأنس بالله
يا من ضاقت بك الدنيا بما رحبت .. وضاقت نفسك بما حملت .. واشتدد عليك همك و أثقلك غمك
الجأ إلى الله .. خالقك .. رازقك .. اطلب العفو والرحمة والفرج منه و اعلم بأنه وحده سبحانه وتعالى من يملك زمام أمرك وسعادتك
تيقّن أن الدنيا إلى زوال ، ونعيمها مهما طال بقاؤه إلى تراب ،وتمتع بالأنس بالله
اعرف الدنيا على حقيقتها فهي لا تعدو قدرها ، ولا تتجاوز حدها ، ولا تعطيها أكبر من حجمها ، فلا تستحق الهم والضجر والبكاء فحزنها سيذهب وفرحها سيذهب
. يقول الإمام ابن القيم: 'إذ استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله، وإذا فرح الناس بالدنيا فافرح أنت بالله، وإذا أنس الناس بأحبائهم فأنس أنت بالله، وإذا ذهب الناس إلى ملوكهم وكبرائهم يسألونهم الرزق ويتوددون إليهم فتودد أنت إلى الله
الشوق إلى الله والأنس به نعمة وأي نعمة من رزقها فقد فاز فوزا عظيما ، يرزق الله منها من يشاء ويمنع من يشاء " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء "
و الأنس بالله لا يأتي بلا سبب ، ولا يحصل بلا تعب ، بل هو ثمرة للطاعة ، ونتيجة للمحبة ، فمن أطاع الله وامتثل أمره واجتنب نهيه وصدق في محبته ،وجد للأنس طعماً وللقرب لذة ، وللمناجاة سعادة .
أما من كان قلبه فارغاً من حب الله والأنس بالله ، فإنه سيشعر بالوحدة والغربة والعزلة حتى ولو كان حولك الناس جميعاً ، وهنا سيغلق القلب أبوابه وستفتح النفس أبوابها التـي تقوده إلى سبيل الشهوات والنزوات والهوى، فتضل السبيل وتسلك طريق الضياع، والحيرة ، والتخبط، والهلاك الذي يودي بك حتماً إلى الشقاء.
يقول ابن القيم: في القلب شعت لا يلمه إلا الإقبال على الله وفي القلب وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفي القلب خوف وقلق لا يذهب إلا بالفرار إلى الله، وفي القلب حسرة لا يطفئها إلا الرضا بالله'
يا من يشعر بالهم والضيق والحيرة في هذه الحياة يا من يطلق الزفرات والحسرات والآهات والأنات يا من يبعد عن الله يا متخبط في ظلام الجهل والمعاصي يا من سيطرت عليه نفسه وأخطأ كثيرا ولا يدري ماذا يفعل توجه إلى الله ......تذوق حلاوة القرب منه والأنس به
قال: ابو الدرداء رضي الله عنه: «من يكثر قرع الباب يوشك ان يفتح له ومن يكثر الدعاء يوشك ان يستجاب له».
وقال الله تعالى:
• " الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ " [آل عمران 173]
"وقال تعالى ليونس عليه السلام:" وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ "
[الأنبياء 88]•
وقال تعالى" وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ " [الأنبياء 83]