ابدأها برسالة عطرة إلى الأمير التنموي . سيدي أمير المنطقة كنا أهل الريث قبل مجيئك نعيش حالة مؤسفة لرحلة يبدأ موعد انطلاقها مع آذان الفجر وكنا قبلك نتجرع مرارة الألم ونصبر على المشقة خمس ساعات حتى نصل إلى أقرب قطعة إسفلت من حولنا , واليوم بفضل الله ثم بجهود الأمير الشهم . نختصر المسافة في ساعة واحدة .
"الطريق شريان الحياة" هذه العبارة قالها سموه في زيارة تفقدية سابقة للقطاع الجبلي عندما استمع لمطالب الأهالي من الخدمات .. سمو الأمير ليت من حولك يعملون نصف ما تعمل .
مازلتُ إلى كتابة هذا المقال أشك في بلدية مثل بلدية فيفاء, مضى على إنشائها أكثر من ثلاثين سنة ولم أر لها مشروعاً يعكس وجودها الحقيقي كجهاز تنموي. السؤال الأحمر. أين ذهبت الميزانيات السابقة ؟ أين الخدمات وأين المشاريع ؟ أتمنى من زملائي (أهل فيفاء) إفادتي إن كان هناك مشاريع لا أعلم عنها أو فليسمحوا لي بتوجيه إشارة إلى من يهمه الأمر !!
الداير . ملتقى القبائل الجبلية وقلب الاقتصاد الجبلي ومن المنطق أن يتوفر فيه كل الخدمات الأساسية لأنه بمثابة النزعة المركزية التي تتمركز حولها معظم البيانات كون شريحة كبيرة من الناس تقترب منه وبالتالي سيقلل من عملية الزحام التي تعج بها إدارات المدن الرئيسة , وسيخفف المشقة اليومية التي يعاني منها طلاب وطالبات الجبال .. ألا يستحق الداير كلية للبنين وأخرى للبنات ؟ هل يعقل أن محافظة مثل بني مالك يتجاوز عدد سكانها الثمانين ألف نسمة ولا يوجد فيها فرع للأحوال المدينة ؟!
أعود لمحافظتي ( الريث) وسأختصر أوجاع الزمن في سطور محافظة يتبع لها ثلاثة مراكز إدارية , وتعيش إلى الآن بلا مكتب للضمان الاجتماعي رغم أن ثلث سكانها يقتاتون على مستحقاته ؟ في الريث تجتمع المتناقضات . يوجد فيها إمارة , وبلدية , ومحكمة , ومستشفى , وشرطة , ومركز للدفاع المدني , وتحتضن أجمل وادٍ في الشرق الأوسط (وادي لجب) وفي المقابل لا يوجد فيها صراف آلي واحد! ولا يوجد فيها مركز ثقافي ! ولا يوجد فيها حتى لجنة للتنمية الاجتماعية ! وأعظم من ذلك خلوها من مشاريع الإسكان الخيري رغم وطأة الفقر وتفاقمه بين أسرها.. بقي أن اسأل . هل يوجد في الريث محافظ ؟!!
السادة أصحاب السعادة . أنا لا أتحدث عن قرية أو هجرة أو حارة , أنا أتحدث عن محافظات يسكنها شريحة كبيرة من المواطنين . نعرف جيدا ظروف المكان والتضاريس الوعرة التي دائما ما تتشدقون بها وترمون عليها أسباب تأخر التنمية في المناطق الجبلية !
لا نريد أن تكون محافظاتنا نموذجية يُضرب بها الأمثال . نريد فقط أن تخترق أعينكم سحائب الجبل الداكنة , ونريد منكم النظرة الثاقبة المتبصرة لأن البعض لا يزال ينظر بنظرات لا تتعدى المكان من حوله . وكأن الجبل جزء خارج الجسد .