النازحون وبيان المالية
حمود أبو طالب
لابد من شكر وزارة المالية على مبادرتها بنشر بيانها التوضيحي عن ملابسات أوضاع النازحين من قرى الشريط الحدودي في منطقة جازان الذي نشرته الصحف يوم الثلاثاء الماضي الموافق 5 شوال 1431هـ، بعدما أشارت بعض المقالات والأخبار إلى بعض المعاناة التي تكبدوها مع قرب حلول عيد الفطر، خصوصا ما يتعلق بخروجهم من المساكن التي تكفلت الدولة بتأمينها.. وبادئ ذي بدء لم يكن هناك شك في ما أولته وتوليه الدولة من اهتمام ورعاية لهم، وبذلها كل ما يضمن راحتهم، لتنحصر المشكلة في الجانب الإجرائي لصرف المعونات المالية وتزامن توقيت مغادرتهم للمساكن المستأجرة مع نهاية شهر رمضان وحلول العيد.. وقد أفادنا بيان الوزارة ببعض المعلومات الإضافية التي نأمل أن يسمح لنا مسؤولو الوزارة واللجان المشكلة بنقاشها توخيا لتحقيق هدف الدولة من كل الدعم الذي تقدمه.
لقد أشار البيان إلى أن إمارة منطقة جازان لاحظت أن العديد من أصحاب الشقق المفروشة والوحدات السكنية في المنطقة ضاعفوا قيمة الإيجارات بصورة غير مقبولة، ولذلك تم تشكيل لجان تقوم بجولات مكثفة للتأكد من التزام أصحابها بالتسعيرة المحددة واتخاذ ما تقضي به التعليمات بحق من يثبت تجاوزه أو استغلاله لهذه الظروف.. إن هذا أمر متوقع حدوثه، لأن تجار الظروف الحرجة لا يتورعون عن استغلالها وليس في اعتبارهم الجانب الإنساني للمشكلة. وحين نترك النازحين في مواجهتهم فإنهم لن يستطيعوا إجبارهم على الإلتزام بالأسعار السابقة، وما دامت الدولة هي التي تدفع في كل الأحوال فلماذا لم يتم الاستمرار في دفع إيجار المساكن عن طريق لجانها بدلا من خلق أزمة جديدة، وحتى تخف الأزمة الأساسية وتتضح الحلول النهائية.
إضافة إلى ذلك، يبدو أن هناك خللا في تقدير تكاليف الحياة في المنطقة، إذ إنها ليست بالرخص الذي بني عليه حساب الإعانات المادية المقطوعة (60 ألف ريال سنويا للأسرة التي لا يتجاوز عدد أفرادها عشرة أشخاص و70 ألف للأسرة التي يزيد عدد أفرادها عن عشرة أشخاص، لقاء السكن والغذاء والكساء وخلافه). وحين نعرف أن المساكن المعدة للإيجار ليست كثيرة في المنطقة وذلك ما يجعل أسعارها مرتفعة وقابلة للمنافسة، فإن أسرة بحجم عشرة أشخاص لن تجد مسكنا يضمها بأقل من ثلاثة آلاف ريال شهريا على الأقل، فهل تكفي الألفان الباقية للغذاء والكساء و (خلافه) ؟.
لقد تم الإخلاء والبدء في صرف الإعانات خلال وقت حرج وضيق لا يكفي كثيرا من النازحين لتدبر أمورهم خلال شهر رمضان وحلول العيد باحتياجاته والتزاماته، وانتهاء دوام الإدارات الحكومية في وقت مبكر، وذلك ما جعلهم في وضع نفسي غير مريح، لاسيما والبدائل أمامهم محدودة جدا إن لم تكن شبه معدومة، وبالتالي كان لابد من توضيح معاناتهم، لأننا على يقين بأن الدولة لن تتأخر أبدا في الالتفات لها ومراجعة بعض الإجراءات التي تكفل رفعها عنهم.
وفي كل الأحوال، فإنه لا ضير من مراجعة بعض القرارات والإجراءات المتعلقة بظروف استثنائية كظروف النازحين، وبعد تكرار الشكر لوزارة المالية على تجاوبها السريع، نأمل أن تعيد اللجان المشكلة النظر في بعض الجوانب لحين انتهاء المشكلة كاملة بمشيئة الله.. والكلمة الأخيرة يجب أن تكون كلمة شكر من الأعماق لوالد الجميع وملك الإنسانية الذي لا يتأخر لحظة عن تقديم كل ما من شأنه ضمان راحة المواطن وحفظ كرامته في كل الأحوال والظروف
المصدر
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]