اعتبر الناشط الاجتماعي السعودي طراد الأسمري أن الفقر سببٌ رئيسٌ لإقدام العشرات من المواطنين السعوديين على الانتحار مستندا إلى أكثر من مائة حالة انتحار نشرت في وسائل الإعلام السعودية خلال العام المنصرم وبداية العام الحالي يثبت اغلبها ان الفقر والبطالة يقفان خلف هذه الحالات بشكل مباشر.
وأكد الأسمري في رصده عددًا من حالات الانتحار بين السعوديين والتي طرحها في مدونته تحت عنوان "المنتحرون في السعودية أرواح أزهقها الفقر" لإيلاف أن المرض النفسي الذي يقف خلف خطوة الانتحار سواء كان اكتئابا، انفصاما أو إدمانا لا يصل إلى 35% ، حيث استغرب تشخيص الصحافة المحلية على أن المرض النفسي يقف خلف كل هذا العدد الكبير من الحالات المرصودة خلال العام 2009 وبداية العام الحالي.
وقال الاسمري: قدمت عام 2006 دراسة قام عليها عدد من الباحثين والمختصين وهم (الشيخ محمد بن عبد الله النجيمي أستاذ الشريعة والقانون في جامعة الأمير نايف،
الدكتور/ابراهيم حسن الخضير
استشاري ومدير قسم الطب النفسي في مستشفى القوات المسلحة في الرياض، الدكتور، سعيد غندر كدسة استشاري طب نفسي في مستشفى القوات المسلحة والدكتور سعيد غرم الله ألغامدي المشرف على مركز الطب الشرعي في الرياض) فتوصلوا إلى أن 90٪ من المنتحرين يعانون أمراضا نفسية، في الوقت الذي لا أرى في هذه الدراسة أي نوع من الواقعية كون ما يحدث الآن وما تنشره الصحف من قصص يومية يؤكد أن الفقراء باتوا ضحايا للانتحار وليس ضحايا للمرض النفسي وان كان هنالك عوامل نفسية فهي ناتج طبيعي للمعاناة من البطالة والفقر".
وأكمل : حين تقفل أمامهم جميع أبواب الحياة "يعني الفقراء" من الطبيعي أن يفضلوا الموت على الحياة انتصاراً لأنفسهم على حياة مهدرة على صفحات الحوادث اليومية في الصحف اليومية.
وأكد الاسمري أنه قام بحصر وجمع الحالات التي نشرت في 5 صحف محلية ووضعها أمام الباحثين موضحا أنه لم يقم بجمع جميع الحالات واكتفى فقط بالحالات التي يرى أن الفقر والبطالة هما العاملان الرئيسان خلفها وانه يقدمها للباحثين والمختصين ليقوموا بدورهم على ارض الواقع بعيدا عن التنظير والنظريات .
وأوضح الأسمري المرشح لجائزة مسابقة دوتشه فيله العالمية للمدونات"البوبز" عن فئة مراسلون بلا حدود لفيلمه راتبي ألف ريال "أن الصحافة السعودية ما زالت تتناول هذه القصص بخجل شديد وبحذر لا مبرر له إلا الخوف من الاعتراف بأن الانتحار كان بدافع الفقر والبطالة التي باتت تسوق مئات السعوديين الذين لا حول لهم ولا قوة نحو الموت واضعاً نصب الأعين تصريح نائب وزير العمل الدكتور عبد الواحد بن خالد الحميد الذي نشر في واس الذي ينص على موافقة مجلس الوزراء على استراتيجية التوظيف السعودية التي تعنى بتوفير فرص العمل المنتج للمواطنين وضمان توظيفهم وتهيئتهم بما يتناسب مع متطلبات التنمية والإنتاج وفق منظور إستراتيجي تتكامل فيه الأهداف والغايات والسياسات والآليات التي تتضافر فيها الجهود لإصلاح سوق العمل وتطويرها، في حين أن الموظف السعودي ما زال يتعرض للاضطهاد في عمله ولا يأخذ حقوقه كاملة وان فصل من عمله فلا مجال أمامه إلا الانتظار لسنوات عديدة كي يحصل على حقه وهنالك الكثير من الحالات التي أقدمت على الانتحار بسبب بيروقراطية الهيئات العمالية العليا التي لا تنظر بأي إنسانية في القضايا التي ترد اليها بل تعطل لسنوات عديدة باسم النظام حتى يدب اليأس في نفوس المظلومين والمفصولين من أعمالهم فلا يجدون مناصا من الاقدام على الانتحار في لحظة يأس".
وختم حديثه لإيلاف قائلاً "هنالك مرض خبيث اسمه الفقر هو السبب الرئيس خلف هذه الهالة السوداء التي تتسع وتكبر كل يوم وعلى الجميع أن يفهم ما قاله الشافعي رحمة الله: "لا تستشر من ليس في بيته دقيق لأنه مدلّه العقل"– أي ذاهب العقل! _ الحديث للأسمري إذن لا تسألوا العاطلين والفقراء المسحوقين عن دين أو وطنية، لا تسألوهم لماذا قرروا أن ينتحروا لأنهم في هذه الحالة في مرحلة ما بعد التفكير وفي مساحة اليأس التي يكون الانتحار هو أقرب الطرق فيها نحو الخلاص . وهنا نتساءل بعد أن فتح ملف الانتحار ماذا عن باقي الملفات كالمخدرات، العنف والجريمة التي يقف الفقر والبطالة خلفها بشكل عام وتحمل من الارقام والمآسي الشيء الكثير" .
لكن الدكتورة في طب علم النفس/ سميرة الغامدي
خالفته الرأي ورجحت على أن من يقومون بعمل دراسات لديهم فرضيات معينة ومعروفة بالنسبة لهم يودون أن يوصلوها وصرحت لإيلاف قائلة "لا ننكر بأن الفقر عامل من ضمن العوامل المؤدية إلى الانتحار، العنف وأمراض الضغط ونحوها لكنه ليس الرئيس"، وأضافت "الانتحار قرار يتخذه الشخص لإنهاء حياته لأي سبب كان كونه رأى أنه عاجز عن الاستمرار في الحياة فمن أسبابه دخول الشخص في حالة اكتئاب شديدة، العجز من مواجهة ظروف الحياة، أو بسبب الاضطرابات النفسية والعقلانية التي تظلل رؤيته الصائبة للأمور وبالنسبة إلى صغار السن "المراهقين" فإنهم يستخدمونه كوسيلة للضغط ليس إلا.
وأكملت "نحن صحيح لم نذق المر الذي يذوقه الفقراء ولم نعش حياتهم لكن حياتهم صعبة جدا، فهذه الفئة تصل لأبعد مراحل الاكتئاب وأشدها ما يدفعها للانتحار علناً وعلى مرأى من الجميع ليس لأجل إثارة الاستعطاف إنما لتوديعهم بطريقتها".
وعن كيفية تشخيص المرضى النفسيين الذين سبق وأقدموا على خطوة الانتحار أوضحت الغامدي أن تنويمهم أمر لابد منه لكن طريقة التأكد من إصابتهم هو إخضاعهم للاختبارات النفسية وطرح سؤال مهم جداً ألا وهو هل سبق وأن أقدم على الانتحار وهو بكامل وعيه لأننا إن لم نسأله هذا السؤال وثبت ذلك بعد أن قام بالانتحار تسحب رخصة ممارسة الطبيبة النفسية للأبد.