الوسواس القهري، أعراضه وعلاجهمع كل هذا التقدم العلمي وهذه الأبحاث العلمية اليومية المتتالية والمتلاحقة والتي يُشهد بإيجابيتها ونفعيتها وتأثيرها الملحوظ في عدم انتشار الكثير من الأمراض والحد من بعضها والقضاء على العديد منها، إلا أن العلم لا يزال عاجزاً عن الوصول لعلاج نهائي لبعضها، وخصوصا الأمراض التي ظهرت حديثا وأصبحت علامة من علامات هذا العصر الذي نعيشه. حيث التقدم المادي والتكنولوجي، وهذا الزخم الهائل والتداخلات المادية والفكرية التي تطغوا على الإنسان، وأكثر هذه الأمراض انتشارًا هي تلك الأمراض التي تصيب الفكر والعصب والسلوك.
ويعد مرض "الوسواس القهري" من أخطرها، والذي يعرفه الدكتور جلال عامر استشاري المخ والأعصاب بجامعة الزقازيق بمصر بأنه أفكار مزعجه متكررة، لا يستطيع المريض التخلص منها أو مقاومتها رغم أنه يعلم أنه مسئول عن هذه الأفكار. ويضيف الدكتور جلال عامر أن الشخص الموسوس يحاول مقاومة هذه الأفعال اللاإرادية فتزداد معه أكثر، ومن هنا تأتي معاناته العميقة فهو يعلم ويدرك عدم صحة أفكاره، ويحاول المريض جاهداً أن يهمل أو يكبت هذه الأفكار والرغبات والخيالات أو يحاول أن يعادلها بأفكار ورغبات وأحيانا أفعال مضادة وهو ما يترتب عليه معاناة نفسية واجتماعية حادة. ويعتبر مرض الوسواس القهري مرضا طبيًا مرتبط بالمخ ويسبب مشكلات في معالجة المعلومات التي تصل إلى المخ.
الوسواس القهري وراثي أم مكتسب؟يقول الدكتور جلال عامر أن الدراسات الوراثية تؤكد على أن هناك تأثيرا للعامل الوراثي في نشأة الوساوس القهرية، وقد أوضحت الدراسات الأسرية أن 35% من الأقارب من الدرجة الأولى لمرضى الوساوس القهرية مصابون بالمرض نفسه، لكن حتى الآن لا يمكن الجزم أن سبب ذلك يرجع إلى العوامل الوراثية بل في بعض الأحيان تكون السلوكيات المحيطة ها المؤثرة ولمسببه له وتؤدي إلى ظهور أعراضه.
العوامل التي تساعد على ظهور الوسواس القهري:من المعروف أن الفص الجبهي من القشرة المخية لديه القدرة على التحكم في نشاط العقد القاعدية عن طريق ألياف عصبية تصل بينهما، ولوحظ أنه عند نقص مادة السيروتونين في العقد القاعدية خصوصاً النواة المذيلة تنشط المراكز العصبية في هذه الأجزاء ويفقد الفص الجبهى من القشرة المخية السيطرة عليها فيفقد الإنسان القدرة على التحكم في أفكاره.
ويؤكد الدكتور جلال عامر على أن تداخل البيئة مع عامل الورائة يساعد على الإصابة بالمرض مثل :
- قسوة الرقابة الذاتية على النفس .
- العلاقات المحدودة للآباء وعدم إتاحة الفرصة للأبناء للتعبير عن أرائهم، والمبالغة في الحرص الشديد.
- افتقاد الأمان النفسي وخاصة بسبب التفكك الأسرى وغياب الحوار والصراحة بين أفراد الأسرة الواحدة.
- الأحقاد والميول العدائية المكبوتة المغذية للشعور بالذنب والخطيئة.
أعراض الوسواس القهري:تختلف أعراض المرض من حاله إلى أخرى ولكن الشيء الذي يعتبر مشتركًا في معظم الحالات هو السلوك العام الغير مرغوب فيه أو الأفكار التي تحدث بشكل غالب و متكرر، ويتخذ الوسواس القهري صورا ومظاهر أهمها:
1- وسواس الأفكار. سيطرة فكرة معينة على ذهن المريض وغالباً ما تكون فكرة غير مقبولة.
2- وساوس الصور. سيطرة صور معينة على ذهن المريض بشكل مستمر أو متكرر وغالباً ما تكون صور عنيفة حوادث سيارات، جثث، قتل، دماء، تعفنات.. ورغم علم المريض بعدم وجودها إلا أنها تطارده في كل الأوقات.
3- وساوس الاجترار . تسيطر على المريض أسئلة متكررة لا يستطيع الإجابة عنها كسيطرة (خلقنا الله إذن من خلق الله ؟).. وهكذا.
4- وساوس الاندفاعات. وهي اندفاعات قهرية تسيطر على المريض فيشعر برغبة جامحة أو اندفاع ما نحو القيام بأعمال لا يرض عنها ويحاول مقاومتها إلا أنها تسيطر عليه بإلحاح وقوة، كالقفز من النافذة، أو من السطح العالي أو من البحر، أو نحو ذلك.
5- وساوس الطقوس الحركية. وهي من أكثر الأعراض الو سواسية شيوعاً وهي القيام بحركات مستمرة متكررة نتيجة رغبة جامحة تسطير على المريض للقيام بهذه الطقوس ظناً منه أنها ستخلصه من إلحاح أفكاره المسيطرة عليه، فمثلاً قد يعتقد أن يديه ملونة فيبدأ في غسلها بالماء والصابون عدة مرات ويعود ويغسلها مرة أخرى، أو استغراقه لوقت طويل في الحمام ( ليتوضأ للعصر يحتاج ساعة أو أكثر).
العلاج:أفاد الدكتور جلال عامر - استشاري المخ والأعصاب -أن علاج الوسواس القهري يتم بطريقتين :
إما علاج دوائي أو علاج نفسي (العلاج السلوكي والعلاج الدوائي ) مع العلم بأن التزاوج بين العقاقير الطبية، الأدوية المضادة للوسواس القهري وطرق العلاج النفسية الخاصة بعلاج الوسواس القهري هما أنجح لعلاج اضطراب الوسواس القهري خاصة إذا استطاع المعالج أن يختار الدواء المناسب وبالجرعة المناسبة، لأن هناك فروق فردية بين الناس في تقبل العلاج الدوائي وكذلك الجرعة المناسبة لكل فرد على حده.
الطريقة الأخرى هي العلاج السلوكي المعرفي: وتتم على يد المعالج النفسي وذلك بمعرفة السبب ومحاولة التخلص من تلك المسببات بكل الوسائل الممكنة كي يسير العلاج الدوائي مع العلاج النفسي وتكون النتائج مرضية لكلا الطرفين. ويحاول المعالج النفسي بتشجيع المريض على التحلي بالشجاعة وقوة الإرادة بمحاولة التعرض إلى ما يخشاه ويخاف ويقلق منه والذي يسبب في زيادة وساوسه وتؤدي تلك المواجهة الشجاعة والحكيمة وعدم الهرب منها الى التغلب على على المرض والتخلص منه مع تكرار تلك المحاولات الى ان يشفى المريض من مرضه بشكل تام.
منقووووووووووووول
ودمت بووود