الحديث ومصطلحه

موضوع: الحديث ومصطلحه الجمعة يونيو 08, 2012 4:37 pm

الحديث ومصطلحه

تعريف الحديث

لغة : يطلق على الخبر , وهو المناسب هنا للمعنى الاصطلاحي

واصطلاحاً : ما أضيف الى النبي صلى الله عليه وسلم من قول او فعل او تقرير ,

او صفة خَلْقِية او خُلُقِية

تعريف مصطلح الحديث

هو : علم بقواعد , يعرف بها أحوال السند والمتن , من حيث القبول والرد

أما السند لغة فهو : المعتمد , وسمي بذلك , لأن الحديث يستند إليه , ويعتمد عليه

واصطلاحاً : سلسلة الرواة الموصلة للمتن

وأما المتن لغة فهو : ما صَلُبَ من الأرض وارتفع

واصطلاحاً : ما انتهى إليه السند من الكلام

موضوع مصطلح الحديث وثمرته

موضوعه : السند والمتن

ثمرته : تمييز الأحاديث المقبولة فيعمل بها , والمردودة فلا يعمل بها

غاية علم المصطلح

1 حفظ الدين الإسلامي من التحريف والتبديل , فقد نقلت الأمة الحديث النبوي
بالأسانيد , وميزت صحيحه من سقيمه , ولولا أن الله هيأ للأمة الإسلامية هذا العلم
لالتبس الحديث الصحيح بالضعيف والموضوع , ولاختلط كلام رسول الله صلى الله
عليه وسلم بكلام غيره

2 - استنباط الأحكام مما صح من السنة

3 - حسن الأقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم

4 - تجنب المسلم خطر الوعيد العظيم الذي يقع على من تساهل في رواية الحديث ,
قال صلى الله عليه وسلم : من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين .
وقال صلى الله عليه وسلم : من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار.

5 - تنقية الأذهان وصيانتها من الخرافات والإسرائيليات التي تفسد العقائد والعبادات , وتفت في عضد الشعوب , وتمزق الأمة , إذ تجعلها فرقا وأحزابا , لاتميز بين الحق والباطل , فيسهل انقيادها لكل ناعق يدعو الى الضلال .

الإسناد خاصية لهذه الأمة

تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ كتابه , وذلك يستلزم حفظ ما يفسره , وهو الحديث النبوي , ولأجل هذا هيأ الله لهذه الأمة رواة عدولا , نقلوا هذا الدين جيلا بعد جيل , فحفظوا على الناس دينهم , وقد قاموا بجهود عظيمة في نقله وتمحيص مروياته منذ عصر الصحابة - رضي الله عنهم -فمن بعدهم - حتى تكامل تدوين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بطرقه التي روي بها , كما دون مصطلحه على أدق منهج يمكن أن يوجد للتثبت من النصوص المروية وتمحيصها .
وقد نبه الأئمة على أهمية السند منذ صدر الإسلام , لأنه عن طريقه نقلت مصادر الشريعة , فهذا الإمام محمد بن سيرين - رحمه الله , أحد أئمة التابعين يقول : إن هذا العلم دين , فانظروا عمن تأخذون دينكم .
وقال سليمان بن موسى : قلت لطاوس رحمه الله : وهو أحد أئمة التابعين -: إن فلان حدثني بكذا وكذا , فقال : إن كان صاحبك مليا فخذ منه .
وقال عبدالله بن المبارك : رحمه الله -: الإسناد من الدين , ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء .
والإسناد من خصائص هذه الأمة الإسلامية , قال ابو حاتم الرازي - رحمه الله -: لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمة يحفظون آثار نبيهم غير هذه الأمة .

أقسام الحديث

ينقسم الحديث بعدة اعتبارات , يمكن إجمالها فيما يلي :

أولاً : أقسامه من جهة تعدد طرقه ( أسانيده ) .

ثانياً : أقسامه من جهة المسند إليه ( المنقول عنه ) .

ثالثاً : أقسامه من حيث القبول والرد .

وإليك تفصيل هذه الأقسام :

أولاً : أقسام الحديث من جهة تعدد طرقه ( أسانيده )

ينقسم الحديث من هذه الجهة إلى قسمين : المتواتر , والآحاد

1 - المتواتر :

التواتر في اللغة : التتابع , يقال : تواترت الخيل إذا جاءت يتبع بعضها بعضا .

وفي الإصطلاح : ما رواه جماعة عن جماعة يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب , وأسندوه إلى شيء محسوس .

أقسامه : ينقسم المتواتر إلى قسمين :

أ - متواتر لفظاً .

ب - متواتر معنى .

فالمتواتر لفظاً : ما اتفق الرواة فيه على لفظه . مثاله قوله صلى الله عليه وسلم : من كذب علي متعمداً , فليتبوأ مقعده من النار . فقد روى هذا الحديث أكثر من سبعين صحابياً .

والمتواتر معنى : ما اتفق فيه الرواة على معنى كلي , وانفرد كل حديث بلفظه الخاص . مثاله : أحاديث الشفاعة , والمسح على الخفين .

من المصنفات في المتواتر :

1 - الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة , للسيوطي .

2 - نظم المتناثر من الحديث المتواتر , لمحمد بن جعفر الكتاني .

2 - الآحاد

وهو لغة : جمع أحد , بمعنى الواحد .

واصطلاحاً : الخبر الذي لم يجمع شروط المتواتر .

وينقسم حديث الآحاد الى ثلاث اقسام , هي :

أ - المشهور :

لغة : المستفيض من المنتشر .

واصطلاحاً : ما رواه ثلاثة فأكثر , ولم يبلغ حد التواتر .

وقد يطلق على ما أشتهر على الألسنة , سواء ورد بإسناد صحيح أو غير صحيح , بل يشمل ما لا إسناد له أصلا , وسواء اشتهر عند المحدثين أو الفقهاء أو الأصوليين أو العامة .

ومثال المشهور الاصطلاحي : قوله صلى الله عليه وسلم : إن الله يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء , حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم , فضلوا وأضلوا .

ومثال المشهور على الألسنة , وهو صحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده .
ومثال المشهور على الألسنة وهو ضعيف حديث اختلاف أمتي رحمة .

ومن المؤلفات في الأحاديث المشتهرة على الألسنة :

1 - المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة , للسخاوي

كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس , للعجلوني

ب - العزيز

تعريفه لغة : من عز يعز - بالكسر - إذا قل بحيث لا يكاد يوجد , واما من عز يعز بالفتح إذا اشتد وقوى .

واصطلاحاً : ما رواه اثنان , ولو في طبقة واحدة , ولم يقل الرواة في جميع الطبقات عن اثنين .

مثاله : ما رواه الشيخان من حديث أنس , ورواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين .

والعزيز منه : الصحيح , والحسن , والضعيف .

ج - الغريب :

تعريفه لغة : المنفرد

واصطلاحاً : ما رواه شخص واحد ولو في طبقة من طبقات الأسناد

والغريب منه الصحيح , ومنه ما ليس بصحيح , وذلك هو الغالب على الغرائب ,
قال الإمام أحمد - رحمه الله - : لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب , فإنها مناكير , وعامتها عن الضعفاء .
وقد يقول بعض العلماء في حديث : إنه غريب , وهو يعني أنه ضعيف .

أمثلته :

1 - مثال الغريب الصحيح : قول النبي صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات , وإنما لكل أمرئ ما نوى .

2 - ومثال الغريب الضيعف : ما رواه الترمذي , عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء , عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة .

قال الترمذي : حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث زيد بن الحباب , عن عمر بن ابي خثعم .

ثانياً : أقسام الحديث من جهة المسند إليه ( المنقول عنه )

ينقسم الحديث من جهة المسند إليه الى اربعة اقسام هي : الحديث القدسي , والحديث المرفوع , والحديث الموقوف , والحديث المقطوع ,

1 - الحديث القدسي :

ويسمى : ( الحديث الرباني ) , و( الحديث الإلهي )

تعريفه لغة : من القداسة , وهي الطهارة والنزاهه .

واصطلاحاً : ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى .

مثاله : حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تبارك وتعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك , من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه .

الفرق بين القرآن , والحديث القدسي , والحديث النبوي :

1 - القرآن , لفظه ومعناه من الله , ومتعبد بتلاوته , ومعجز بأقصر سورة منه , وقد ثبت بالتواتر , فكله مقطوع بصحته , ويحرم على الجنب قراءته ومسه , ولا يجوز روايته بالمعنى .

2 - أما الحديث القدسي , فلفظه ومعناه من الله , لكنه ليس متعبد بتلاوته , وليس معجزاً , ومنه الصحيح , والحسن , والضعيف , والموضوع , ولا يحرم على المحدث - حدثاً كان أصغر أو أكبر - قراءته ولا مسه , وتجوز روايته بالمعنى .

3 - أما الحديث النبوي , فلفظه من الرسول صلى الله عليه وسلم , وليس متعبد بتلاوته , وليس معجزاً , ومنه الصحيح , والحسن , والضعيف , والموضوع , ولا يحرم على المحدث - حدثاً أصغر أو أكبر - قراءته ولا مسه , وتجوز روايته بالمعنى .

المؤلفات فيه كثيرة , منها :

1 - الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية , للمناوي , جمع فيه 272 حديثاً قدسياً .

2 - الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية , لمحمد المديني , جمع فيه ثمانمائة وثلاثة وستين حديثاً .

2 - الحديث المرفوع :

وينقسم الى قسمين : مرفوع صريح , ومرفوع حكماً

أ - المرفوع الصريح :

هو ما أضيف الى النبي صلى الله عليه وسلم من قول , أو فعل , أو تقرير , أو وصف في خُلُقه أو خِلْقَته .

فمثال المرفوع من القول : حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا الأموات , فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا . (رواه البخاري في كتاب الجنائز )

ومثال المرفوع من الفعل : ما رواه البراء - رضي الله عنه - قال : كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده , إذا رفع رأسه من الركوع , وبين السجدتين , قريباً من السواء . ( رواه البخاري في كتاب الأذان )

ومثاله في الأقرار : تقريره الجارية حين سألها : أين الله ؟ قالت : في السماء , فأقرها على ذلك صلى الله عليه وسلم . ( أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة )

ومثاله من الوصف في خُلُقه : كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس , وأشجع الناس . (رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير )

ومثاله من الوصف في خلقته : قول البراء - رضي الله عنه - : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها , وأحسنه خلقاً , ليس بالطويل البائن , ولا بالقصير . ( رواه البخاري في كتاب المناقب )

ب - المرفوع حكما :

وهو ما كان له حكم المضاف الى النبي صلى الله عليه وسلم , وهو أنواع , منها :

1 - أن يضيف الصحابي شيئاً إلى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم , ولم يذكر أنه علم به , كقول أسماء بنت أبي بكر- رضي الله عنهما - : نحرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فرساً فأكلناه . ( رواه البخاري في كتاب الذبائح )

2 - أن يقو الصحابي عن شيء بأنه من السنة , كقول ابن مسعود - رضي الله عنه - : من السنة أن يخفي التشهد , يعني في الصلاة . ( رواه ابو داود في كتاب الصلاة )

3 - أن يقول الصحابي : أُمرنا , أو نُهينا , أو أُمر ألناس , ونحو ذلك , كقول ابن عباس - رضي الله عنهما - : أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت , إلا أنه خفف عن الحائض . ( رواه البخاري في كتاب الحج )

4 - أن يكون الصحابي على عمل بأنه طاعة أو معصية .

3 - الحديث الموقوف :

تعريفه : ما أضيف الى الصحابة - رضي الله عنهم - من أقوالهم وأفعالهم وتقريراتهم موقوفاً عليهم , لا يتجاوز به الى الرسول صلى الله عليه وسلم .

والموقوف : منه الصحيح , والحسن , والضعيف , والموضوع .

أمثلة الموقوف :

أ - من القول : قول ابن عمر - رضي الله عنهما -: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح , وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء , وخذ من صحتك لمرضك , ومن حياتك لموتك .

ب - من الفعل : كان ابن عمر - رضي الله عنهما - إذا قام له رجل عن مجلسه , لم يجلس فيه .

4 - الحديث المقطوع :

وهو : ما جاء عن التابعين موقوفا عليهم من أقوالهم وأفعالهم . وأدخل بعض أهل العلم في المقطوع ما روي عمن دون التابعين أيضاً .

والمقطوع منه الصحيح , والحسن , والضعيف , والموضوع .

مثال الحديث المقطوع : قول ابن سيرين - رحمه الله - : إن هذا العلم دين , فانظروا عمن تأخذون دينكم .

مظان وجود الموقوف والمقطوع : كتب المصنفات , كمصنف عبدالرزاق , وابن أبي شيبة

ثالثاً : أقسام الحديث من حيث القبول والرد :

ينقسم الحديث من حيث القبول والرد الى قسمين :

الأول : حديث مقبول : وهو إما صحيح أو حسن , وكل منهما ينقسم الى قسمين : صحيح لذاته ولغيره , وحسن لذاته ولغيره .

الثاني : حديث مردود : وهو إما ضعيف أو موضوع . والضعيف في الجملة ينقسم الى ضعفٍ يسير يمكن إنجباره وزواله , فيرتقي الى درجة الحسن لغيره , وضعيفٍ شديدٍ لا يمكن انجباره .

وإليك تفصيل هذه الاقسام :

اولا : الحديث المقبول :

وهو اربعة أقسام :

1 - الصحيح لذاته :

الصحيح لغة : ضد السقيم .

واصطلاحاً : ما رواه عدل , تام الضبط , بسند متصل , غير معل , ولا شاذ .

التعريف :

اشتمل هذا التعريف على خمس شروط , إليك بيانها :

أ - أن يرويه عدل , والعدل من الرواه من ثبتت عدالته , وهو : المسلم , البالغ , العاقل , السالم من أسباب الفسق وما يخل بالمروءة .

ب - أن يتصف راويه بتمام الضبط , والضبط : الحفظ , ويكون في الصدر بإستحضاره متى شاء , وفي الكتاب بصيانته منذ ساعه إلى حين أدائه منه .

ج - اتصال السند : وذلك بأن يكون كل راوٍ قد أخذ عمن قبله بطريق من طرق التحمل الصحيحة .

د - ألا يكون معلاً , والمعل : ما فيه علة , والعلة : سبب غامض خفي قادح في الحديث , مع أن الظاهر السلامة منه .

هـ - ألا يكون شاذاً , والشاذ : ما رواه المقبول مخالفاً من هو أرجح منه في الإتقان أو الزيادة او العدد .
وقولنا : ما رواه القبول , شامل للراوي الثقة ( وهو العدل الذي تم ضبطه ) , كما يشمل الراوي الصدوق ( وهو العدل الذي خف ضبطه قليلا ) .

مثال الصحيح لذاته :

ما أخرجه البخاري في صحيحه : حدثنا سليمان بن حرب , عن شعبة , عن قتادة , عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ؛ من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما , ومن أحب عبداً لا يحبه إلا لله , ومن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله كما يكره أن يلقى في النار .
فهذا الحديث صحيح لتوفر شروط الصحة فيه , فالإسناد متصل , والرواة كلهم عدول , تامو الضبط , وسلم من الشذوذ والعلة .

2 - الحسن لذاته :

الحسن لغة : ضد القبيح

واصطلاحاً : ما رواه عدل خف ضبطه بسند متصل , غير معل ولا شاذ

مثال الحديث الحسن :

ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده , قال : حدثنا يحيى بن سعيد , عن يهز بن حكيم , قال : حدثني أبي , عن جدي , قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك القوم , ويل له .
فهذا الحديث سنده متصل , وقد سلم من الشذوذ والعلة , وكل رواته ثقات - اي : عدول تامو الضبط - ما عدا بهز بن حكيم , فإنه قد خف ضبطه , ولذا فإن حديثه من قسم الحسن لذاته .

3 - الصحيح لغيره :

تعريفه : هو الحديث الحسن لذاته إذا تعددت طرقه .

مثاله : حديث عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن النبي الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشاً , فنفدت الإبل , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ابتع علينا إبلاً بقلائص من قلائص الصدقة إلى محلها , فكان يأخذ البعير بالبعيرين والثلاثة .

فقد رواه أبو داود , وأحمد , والبيهقي , من طريق محمد بن إسحاق - وقد صرح بالتحديث في بعض طرقه - ورواه البيهقي من طريق عمرو بن شعيب .
وكل واحد من الطريقين بانفراده حسن , فبمجموعهما يصير الحديث صحيحاً لغيره .

4 - الحسن لغيره :

تعريفه : هو الحديث الضعيف إذا تعددت طرقه على وجه يجبر بعضها بعضاً .

مثاله : حديث انس بن مالك - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : طلب العلم فريضة على كل مسلم . فهذا الحديث روي من طرق كثيرة , وفي كل منها ضعف , لكنها عند بعض العلماء يمكن ان تنجبر ويكون الحديث حسناً لغيره .

بم تعرف صحة الحديث أو حسنه ؟

تعريف صحة الحديث بواحد من ثلاث أمور :

الأول : أن يكون في مصنف التزم فيه مصنفه الصحة , إذا كان ممن يعتمد قوله في التصحيح , كصحيحي البخاري ومسلم .

الثاني : أن ينص على صحته إمام يعتمد قوله في التصحيح والتضعيف , ولم يكن معروفاً بالتساهل فيه , كالإمام احمد بن حنبل رحمه الله .

الثالث : أن يجمع طرق الحديث , وينظر اختلافها , ودرجات رواته - إذا كان من المختصين بهذا العلم - فإذا تمت فيه شروط الصحة الخمسة حكم بصحته .

ثانياً : الحديث المردود :

وهو قسمان : الضعيف والموضوع :

1 - الضعيف :

الضعيف لغة : من الضعف , ضد القوة .

واصطلاحاً : ما فقد شرطاً فأكثر من شروط الحديث الحسن .

حكمه : الضعيف مردود , لا يعمل به .

أقسامه :

تتفاوت مراتب الضعيف , وذلك حسب الضعف الحاصل في الحديث , وهو في الجملة يقسم باعتبارين :

الأول : بالنظر لأسباب الضعف المتنوعة .

الثاني : بالنظر لقوة الضعف من عدمه .

أولاً : أقسام الضعف بالنظر لأسباب الضعف المتنوعة :

وهو في الجملة قسمان :

أ - ما كان ضعفه بسبب سقط في الأسناد :

وهذا له أنواع , نذكر منها - إن شاء الله تعالى -: المرسل , المعلق , المعضل , المنقطع .

ب - ما كان ضعفه بسبب طعن في الراوي :

والطعن في الراوي قد يكون في عدالته , كالفسق , والاتهام بالكذب , ونحو ذلك , وقد يكون الطعن في ضبط الراوي كفحش غلطه , أو وهمه , أو سوء حفظه , أو مخالفته للثقات , ولذلك أسماء خاصة يأتي ذكر بعضها إن شاء الله تعالى .

أ - من أنواع الضعيف بسبب سقط في الإسناد :

1 - المرسل :

تعريفه لغة : المطلق وهو ضد المقيد , فكأن المرسِل أطلق الإسناد ولم يقيده براوٍ معروف .

واصطلاحاً : ما أضافه التابعي : الى النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة .

وصورته : أن يقول التابعي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا , أو فعل كذا , ونحو ذلك .

مثاله : ما رواه ابو داود في المراسيل , من طريق هشام بن عروة , عن ابي حازم , عن سعيد بن المسيب - رحمه الله - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من ضرب أباه فاقتلوه )) .
فهذا الحديث ضعيف , لأنه مرسل , ولذلك لا يعمل به .

وسبب كون المرسل ضيعفاً :
أننا لا ندري عمن روى التابعي هذا الحديث , وهل هو عن ثقة أو غير ثقة . فإن قيل : إن التابعي لابد أنه رواه عن صحابي , والصحابة كلهم عدول , ولا يضر الجهل بالصحابي فالجواب عن ذلك ان نقول : ليس شرطاً ان يكون التابعي رواه عن صحابي ؛ لأنه قد يرويه عن تابعي آخر , وهذا التابعي الآخر لا تعرف حاله , ثم أن التابعي الآخر قد يرويه عن تابعي , وهكذا , حتى إنه قد وجد في حديث ستة رجال من التابعين يروي بعضهم عن بعض .

المؤلفات في الحديث المرسل :
1 - المراسيل , لأبي داود
2 - المراسيل , لابن ابي حاتم

المعلق

تعريفه لغة : اسم مفعول , من علق الشيء بالشيء إذا ناطه وربطه به وجعله معلقاً

واصطلاحاً : ما حذف من مبدأ إسناده راوٍ فأكثر .

ومبدأ الإسناد هو : جهة المصنف , فأول السند شيخه , وآخره الصحابي .

ومن صوره : أن يحذف المصنف شيخه فقط , أو يحذف جميع السند إلا الصحابي , أو يحذف جميع السند , ويقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وسبب إدخال المعلق في الضعيف ؛ الجهالة بحال الواسطة , وهو الراوي المحذوف

حكم المعلقات في الصحيحين :

الحديث المعلق مردود, لأنه غير متصل الإسناد , لكن إن وجد المعلق في كتاب التزم مصنفه الصحة فيما يورده , كالصحيحين , فهذا ينقسم الى قسمين :

القسم الأول :

المعلق بصيغة الجزم , مثل : قال , وذكر , وحكي , وهذه الصيغة تعتبر حكماً بصحة الحديث الى من عُلِّق عنه .

مثاله : قال البخاري : وقال هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبدالرحمن بن يزيد ابن جابر حدثنا عطية بن قيس الكلابي حدثنا عبدالرحمن بن غنم الأشعري قال : حدثني ابوعامر او ابو مالك الاشعري - والله ما كذبني - سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( ليكون من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف , ولينزلن أقوام إلى جنب عَلَم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم يعني الفقير لحاجة فيقولون ارجع إلينا غداً فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة )) .

القسم الثاني :

المعلق بصيغة التمريض , مثل : قيل , وذُكر , وحُكي , فهذا ليس فيه حكم بصحته عن المضاف إليه , بل فيه الصحيح والحسن والضعيف , ولكن ليس فيه حديث واهٍ , وذلك لوجوده في كتاب التزم الصحة .

ومثال ما ذكر بصيغة التمريض - وهو صحيح - قول البخاري رحمه الله تعالى : ويذكر عن عبدالله بن السائب قال : قرأ النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين في الصبح , حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى , أخذته سعلة فركع .
وقد عني الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - بوصل معلقات البخاري في مقدمة شرحه عليه , المسماة : هدي الساري مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري , ثم خصص لها كتاباً سمّاه : تغليق التعليق .

المعضل

تعريفه لغة : اسم مفعول , من أعضل : إذا ضاق واشتد , ومنه : داء عضال .

واصطلاحاً : ما سقط من إسناده اثنان فأكثر , على التوالي .

وصورته : أن يروي تابع عن التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً , او يروي الراوي عن شخص لم يلقه حديثاً , ويُعلَم بسند آخر ان بينهما راويين فأكثر , او ان يقول أحد المصنفين : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , او بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا .

وسبب إدخاله في الضعيف : الجهالة بحال الواسطة , وهم الرواة الساقطون من الاسناد .

ومثاله : ما ذكر مالك في الموطأ : أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : آخر ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وضعت رجلي في الغرز , أن قال : (( أحسن خلقك للناس يامعاذ بن جبل )) . وأقل ما يكون بين مالك ومعاذ راويان .

المنقطع :

تعريفه لغة : اسم فاعل , من القطع , ضد الوصل , وهو الفصل , وإبانه شيء عن شيء .

وأما اصطلاحاً , فله إطلاقان : عام , وخاص :
أما العام : فكل خبر لم يتصل إسناده , على أي وجه كان إنقطاعه .
فعلى هذا يدخل فيه المرسل , والمعلق , والمعضل .
وأما الخاص : فكل خبر سقط من إسناده راوٍ واحد , في موضع واحد , أو أكثر , غير الصحابي وشيخ المصنف .
وسبب ضعفه : الجهالة بالواسطة , وهو الراوي الساقط من الإسناد .

ومثال المنقطع بالمعنى الخاص :

ما رواه ابن ماجه , قال : حدثنا جعفر بن مسافر حدثني كثير بن هشام : حدثنا جعفر بن برقان , عن ميمون بن مهران , عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا دخلت على مريض فمره أن يدعو لك , فإن دعاءه كدعاء الملائكة ))
فهذا منقطع , لأن ميمون بن مهران لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه , لأن مولده كان سنة أربعين , ومقتل عمر رضي الله عنه سنة ثلاث وعشرين .

الفرق بين المنقطع والمقطوع

المنقطع غير المقطوع : فالمقطوع من أقسام الحديث ,باعتباره ما ينتهي إليه السند .
والمنقطع من أقسام الحديث الضعيف , بسبب سقط في الإسناد .

ب- من أنواع الضعيف بسبب الطعن في الراوي

الشاذ :

تعريفه لغة : المنفرد عن الجماعة , يقال : شذَّ الرجل , إذا انفرد عن اصحابه , وكل شيء منفرد فهو شاذ .

واصطلاحاً : ما رواه المقبول مخالفاً لمن هو أرجح منه .

ويتضح من التعريف ان سبب ضعف هذا النوع : المخالفة للثقات , وهو مشعر بأن راويه لم يضبطه , وإن كان ثقة مقبولاً .

والشذوذ يقع في السند والمتن معاً , أو في أحدهما .

ومن امثلة الشذوذ الواقع في السند والمتن معاً : ما أخرجه الدار قطني عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في السفر ويتم , ويفطر ويصوم .
فهذا حديث رجال إسناده ثقات , وقد صحح الدار قطني إسناده , ولكنه شاذ سنداً ومتناً : أما السند , فلأنه خالف ما اتفق عليه الثقات , عن عائشة أنه من فعلها , غير مرفوع .
وأما المتن فلأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مواظبته على قصر الصلاة في السفر .
وقريب من الشاذ في المعنى : زيادة الثقة , وسنتحدث عنها في الموضوع التالي إن شاء الله

زيادة الثقة

وصورتها : أن يروي جماعة حديثاً بإسناد واحد , ومتن واحد , فيزيد بعض الرواه فيه زيادة لم يذكرها بقية الرواه .

والراجح من أقوال المحدثين - في زيادة الثقة - أنه لا يحكم بقبولها مطلقاً ولا بردها , لكن تقبل أو ترد بحسب القرائن المحتفّة بكل حديث , فقد ترجح رواية الأكثر ملازمة واختصاصاً بالشيخ , وترد رواية غيره .

ومن أمثلة الزيادة المقبولة : زيادة لفظة ( المسلمين ) في حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على كل حرٍّ أو عبد , ذكر أو أنثى - من المسلمين - صاعاً من تمر , أو صاعاً من شعير .

ومن أمثلة الزيادة غير المقبولة : زيادة ذكر ( القمح ) في الحديث .

ولا تقتصر زيادة الثقة على الألفاظ في متن الحديث , بل يدخل في حكمها الاختلاف في رفع الحديث ووقفه , فإن من رفعه معه زيادة على من وقفه , ويدخل فيها أيضاً الاختلاف في إرسال الحديث ووصله , فإن من وصله معه زيادة على من أرسله .

المعل :

تعريفه لغة : هو اسم مفعول من الفعل الرباعي ( أعلَّ ) أي جعله ذا عِلَّة , والعلة : المرض , ويسمى هذا النوع : المُعَلَّل , والمعلول , ولكن تسميتة بالمعل أفصح وأشهر عند أهل اللغة .

واصطلاحاً : هو الحديث الذي وجد فيه عِلَّة تقدح في صحته , مع أن الظاهر السلامة منها .

والعلة اصطلاحاً : سبب غامض خفي قادح في الحديث , مع ان الظاهر السلامة منه .

وبما أن العلة سبب خفي فهي إنما تقع في الإسناد الجامع لشروط الصحة ظاهراً , فليست تقع في الأحاديث التي ضعفها ظاهرٌ ( بجرح في رواتها , أو انقطاع ظاهر في أسانيدها ) .

لكن كثيراً من علماء الحديث قد يطلقون العلة ويريدون بها معنى عامّاً , فيدخل في هذا الإطلاق كل سبب من أسباب الضعف الظاهر والخفي , فيدخل فيه الجرح بالكذب والغفلة وسوء الحفظ , وغير ذلك , والله أعلم .

وسبب كون الحديث المعل ضعيفاً : الوهم الحاصل من بعض رواته , المشعر بعدم ضبطه لما روى - وإن كان ثقة - لأن الثقة ربما أخطأ .

ثانيا : أقسام الضعيف بالنظر لقوة الضعف من عدمه :

ينقسم الضعيف بالنظر لقوة الضعف من عدمه الى قسمين

أ - ضعف يمكن انجباره أو زواله , وهو الضعف غير الشديد :

وذلك بأن يكون الضعف بسبب اختلال في حفظ بعض رواته , أو خلل في إسناده , كأنقطاع , أو جهالة راوٍ , ونحو ذلك .
فالضعيف الذي هذه حاله يمكن انجباره فيكون حسناً لغيره .

مثاله : حديث : (( من قرأ {( قل هو الله أحد )} حتى يختمها عشر مرات , بنى الله له قصراً في الجنة )) .

رواه احمد , وابن السني , والطبراني بسند ضعيف من حديث معاذ بن انس الجهني الصحابي رضي الله عنه .

وله شاهد رواه الطبراني في المعجم الاوسط من حديث ابي هريرة - رضي الله عنه - , وسنده ضعيف ايضاَ .

وله شاهد آخر مرسل من حديث سعيد بن المسيب وهو من كبار التابعين , عن النبي صلى الله عليه وسلم , رواه الدارمي في سننه , وسنده الى سعيد جيد , كما قال ابن كثير رحمه الله تعالى .

فالحديث بمجموع هذه الطرق ينجبر ضعفه , ويرتقي ليبلغ رتبة الحسن لغيره

ب - ضعف لا يمكن انجباره أو زواله , وهو الضعف الشديد :

وذلك بأن يكون سبب الضعف طعناً في عدالة الراوي , كأن يكون فاسقاً , أو متهماً بالكذب , أو نحو ذلك . فالضعيف الذي هذه حاله لا يمكن انجباره , ولو ورد من طرق أخرى مثله أو دونه , لأنه شديد الضعف .

مثاله :
حديث : (( من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من أمر دينها , بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء )) . وقال النووي - رحمه الله تعالى - في مقدمة كتابه الاربعين النووية : اتفق الحفاظ على انه حديث ضعيف , وإن كثرت طرقه .

- الموضوع :

تعريفه لغة : مأخوذ من الوضع , وله معان , منها : الاختلاق

واصطلاحاَ : الخبر المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

التحذير من الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم :

ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما صدر عنه - كأحاد الناس , بل كل ما صدر عنه من قوله أو فعله ونحوه , فهو مفيد حكماَ شرعياً , وذلك لأنه المبلغ عن الله تعالى بقوله وفعله عليه الصلاة والسلام , ولذلك فليس الكذب عليه كالكذب على غيره , وإن كان الجميع محَّرماَ , وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فقال محذراً ومتوعداً :

(( إن كذباً عليَّ ليس ككذب على أحد , من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ))

رواه مسلم

فليحذرالمسلم من ذلك أشد الحذر , وليتجنب الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم جاداً أو هازلاً , وليتثبت فيما ينسبه إليه صلى الله عليه وسلم , فلا ينسب إليه قولاً بالظن والتخمين , وإنما ينسب إليه ما علم أنه قاله عليه الصلاة والسلام .