كتبهاDr. Faisal Mohamed ، في 19 سبتمبر 2007 الساعة: 22:56 م
عند تشخيص الأورام، يتم إجراء العديد من التحاليل المخبرية والفحوصات التي تستهدف تصنيف السرطان، سواء لتحديد تصنيف الـورم ضمن فئته، و تصنيف درجته (Grading)، أو تصنيف مرحلته (Staging)، كي يتسنى وضع خطة العـلاج الملائمـة و بالسرعة الممكنة، و يُحدد التصنيف أيضا كمّ النسيج السرطاني الموجود بالجسم و موضعه و مدى انتقاله، و على سبيل المثال يتم لدى تصنيف الأورام الصلبة تحديد حجم الورم و تُفحص الغدد الليمفاوية المتضررة، و التحري عن مدى انتقال الورم، و يتم لدى تصنيف أورام الدم تفحص النخاع العظمي و الكبد و الطحال، إضافة إلى الغدد الليمفاوية للتقصي عن مدى تضرر هذه الأعضاء.
و هنالك مجموعة واسعة من التحاليل و الفحوصات و الاختبارات، و التي تُجرى تبعا لنوع الورم، تبدأ من إجراء عمليات الخزع الجراحي (biopsy) بهدف استخلاص خزعة من أنسجة الورم جراحيا، ليتم فحصها تحت المجهر بُغية تحديد نوعه و خواصه الحيوية و تمظهر أنسجته، مرورا بتحاليل الدم المختلفة و معدلات كيميائيات سوائل الجسم، و التقاط الصور البدنية بطرقها المتعددة، من أشعات مختلفة كالأشعة السينية، و التصوير الإشعاعي الطبقي (Computed tomography scan)، و التصوير بالموجات فوق الصوتية، إضافة إلى التصوير بالرنين المغناطيسي (Magnetic resonance imaging)، و إنتهاءا بتحاليل المورثات الخلوية، و تعداد الخلايا و الكيمياء الحيوية، و تستهدف جميع هذه الفحوصات تحديد مختلف جوانب الأورام بدقة، قبل المباشرة بالخطط العلاجية، و من ثم يُستخدم الكثير منها دوريا أثناء المعالجات و عقب انتهائها، لمراقبة التطورات المرضـية، و مسار المعالجات و تقصي مدى نجاحاتها، و تأثيراتها الجانبية المصاحبة، إضافة إلى فعّالية أعضاء الجسم الحيوية و مدى تأثرها بالعلاجات.
أنظمة تصنيف الأورام
يتم تصنيف الأورام من خلال استخلاص جانبين من المعلومات حولها، يتركز الجانب الأول في مدى تماثل الخلايا السرطانية مع الخلايا الطبيعية، و يسمى بتصنيف درجة الـورم (Grading)، و يتمثل الجانب الثاني في مدى الكـمّ السرطاني الموجود بالجسم و مواضع تركزه و رقعة انتشاره، و يسمى بالتصنيف المرحلي للأورام (staging).
و تعتبر أنظمة تصنيف الأورام من الأركان المهمة في تخطيط المعالجات، حيث تعطي فكرة واضحة عن نمط السلوك الحيوي المتوقع للخلايا السرطانية، و تقدير مدى استجابتها للمعالجات و موازنة العائد العلاجي بين الخطط العلاجية، الأمر الذي يضمن ترتيب الخطة العلاجية الفعالة و بأفضل مردود علاجي ممكن، و من هنا يستخدم الأطباء تعبير التكهن بالمردود العلاجي المتوقع ( prognosis )، أي التكهن بمدى استجابة الورم للمعالجات و استشراف الدلائل حول السلوك الممكن للسرطان و فرص الشفاء لدى المريض، لتلخيص معطيات تصنيف الورم، و يعتمد تقدير الحالة على عدة عوامل، أهمها بطبيعة الحال نوع السرطان و تصنيفه المرحلي و درجته، إضافة إلى عمر المريض و حالته الصحية العامة و فاعلية المعالجات.
يجب أن نفصل بين معنى "التكهن بالمردود العلاجي المتوقع" الذي يقصده الأطباء، و المعنى الذي يفهمه المرضى أو أسرهم، أي بمعنى آخر الفصل بين مغزى التكهن و التقدير عند الطرفين، و ما يستخلصه كليهما من معطيات حول المردود المتوقع، فحين يناقش الأطباء معطيات التكهن العلاجي عند المريض، فهم يحاولون تصور ما الذي يمكن أن يحدث من تطورات خلال المعالجة و بالتالي ترتيب الخطة العلاجية الملائمة و الشاملة و التحسب للاحتمالات منذ البداية، و يصفون عادة معطيات التكهن بأنها مواتية أو واعدة (Favorable prognosis)، حيث من المتوقع أن يستجيب الورم للعلاجات بشكل جيد جدا، أو غير مواتية أو غير واعدة (unfavorable prognosis)، حين يرون أن الورم من النوع الذي تصعب السيطرة عليه، و يتم التصرف بترتيب الخطة العلاجية بناءا على هذه المعطيات، و الواقع أن الأمر يتعدى مجرد التكهن بالمعنى الحرفي للكلمة، فهو تصور مبني على أساس متين من المعطيات الواضحة المستخلصة من مختلف الفحوصـات و التحاليل، و على ذلك يمكننا القول أن الأمر بالنسبة إليهم هو عمل حرفي خالص، يضع في الحسبان الأوجه التي يمكن للسرطان سلوكها و ردود فعله المحتملة تجاه المعالجات، و معطيات محددة يتم استخدامها لوضع خطة لمواجهته، فمثلا حين يكون الورم من الدرجة العليا و منتقل إلى مواضع أخرى غير موضع نشوئه الأصلي، يلزم إتباع خطة علاجية قياسية و مكثفة تتكون من عدة علاجات قدمت معدلات شفاء قياسية عند الحالات المشابهة، و بطبيعة الحال لا يعني ذلك أن نفس التطورات ستظهر بالضبط عند المريض موضوع المعالجة، فلا يوجد مريضان بالسرطان يتماثلان في كل شيء و إن كان التشخيص واحدا.
بينما عند المرضى و أسرهم فالتكهن بالمردود العلاجي المتوقع هو مؤشر على مدى خطورة المرض، و يندرج ضمن مؤشرات أخرى، مثل الإحصائيات الطبية حول معدلات الشفاء، بغرض تكوين فكرة عن فرص الشفاء الممكنة و استقراء مستقبل المريض، و من الطبيعي أن يؤثر ذلك على طريقة تعاملهم مع الوضع ككل، و لعلنا نوضح الفكرة أكثر لو تمثلنا الأمر كرحلة بحرية، فنحن بالتأكيد سنبحر و حسب حالة الطقس و معلوماتنا حول البحر، سنستخدم محركا واحدا بالسفينة أو محركين أو قد نضيف أشرعة فـوق ذلك، و سنتحسب لكل التطورات الممكنة و سنراقب كل شيء طوال الوقت، و لكن هل سنصل بالتأكيد إلى وجهتنا كما وصل غيرنا من قبل، الأطباء لا يستخدمون مؤشرات المرض و معطيات التكهن للإجابة عن هذا السؤال، و إنما للتخطيط لرحلة الإبحار بكل الإمكانيات المتوفرة و بأقصى درجة من الاستعداد، بينما عند الاسرة فالتكهن هو جزء من عدة معطيات تسعى لإيجاد إجابة محددة.
تصنيف درجة الورم (Grading)
يُستخدم نظام تصنيف درجة الورم لتحديد درجة تمايز الخلايا السرطانية عن الخلايا الطبيعية بناءا على مظهرها تحت المجهر، أي تحديد درجة شذوذ الخلايا الورمية بالنسيج المتسرطن مقارنة بالخلايا الطبيعية، و يستخدم تعبير التمايز (differentiation) لوصف مدى التماثل بينهما في المظهر المجهري و بالتالي في أداء الوظائف، و من هنا فتحديد درجة التمايز يعطى فكرة واضحة عن السلوك الحيوي للخلايا الورمية من حيث شدتها و سرعة نشاطها، أو ما يمكن تسميته بالعدوانية أو الشراسة.
و من المعتاد بشكل عام استخدام تصنيف يتكون من أربعة درجات، حيث بالمستوى الأول تُدرج الخلايا الورمية واضحة التمايز (well-differentiated)، و التي تعتبر عموما الأقل شراسة نسبة إلى سلوكها الحيوي، و في هذه الحال يُعد الورم من الدرجة الدنيا
(low-grade tumor)، و على النقيض من ذلك تُدرج بالمستوى الثالث و الرابع الأورام ذات الخلايا قليلة التمايز عن الخلايا السليمة أو غير المتمايزة ( undifferentiated )، و التي تعتبر بدورها الأكثر شراسة في سلوكها الحيوي، و يُعد الورم من الدرجة العليا
( high-grade tumor ).
و من هنا يمكن تلخيص نظام تصنيف درجة الأورام حسب الدرجات التالية :
· درجة مجهولة (GX) : حيث يتعذر تقييم مدى تمايز الخلايا الورمية، و هنا يُعد الورم بدرجة غير معرّفة أو غير محددة (Undetermined grade).
· درجة 1 (G1) : حيث التمايز واضح و محدد، و يُعد الورم من الدرجة الدنيا.
· درجة 2 (G2) : حيث التمايز واضح بشكل معتدل ( Moderately )، و هنا يُعد الورم من الدرجة المتوسطة أو المعتدلة ( Intermediate grade ).
· درجة 3 ( G3 ) : حيث التمايز قليل الوضوح ( Poorly differentiated )، و يُعد الورم من الدرجة العليا.
·درجة 4 (G4 ) : حيث الخلايا غير متمايزة ( Undifferentiated )، و يُعد الورم من الدرجة العليا.
و مع أن أنظمة تصنيف درجات الأورام تُستخدم عند معظم أنواع السرطان، غير أنها مهمة بصفة خاصة عند أورام معينة، مثل الأورام الدماغية، و الأورام الليمفاوية، و أورام الأنسجة الرخوة، إضافة إلى أورام الثدي و البروستاتة لدى البالغين.
التصنيف المرحلي (Staging)
يتمثل التصنيف المرحلي للأورام في استخلاص المعطيات لتحديد الكمّ السرطاني الموجود بالجسم و مواضع تركزه، حيث من الضروري معرفة هذه المعطيات لتخطيط المعالجات، و للتأكد من تلقي المريض للعلاج الملائم حسب نوع الورم المشخص، مع التحسب للسلوك الذي قد ينتهجه السرطان تجاه المعالجات، فمثلا قد تبدأ معالجة ورم ما من النوع الصلب و بالمراحل المبكرة بإجراء جراحة استئصالية مع استخدام العلاج الإشعاعي بجرعات معينة، بينما قد يتطلب نفس الورم في مراحل متقدمة استخدام العلاج الكيماوي إضافة إلى ذلك.
و يتركز التصنيف المرحلي حول الورم الأصلي المشخص دون الأورام الثانوية، و يتعلق بتوفير كافة المعطيات حول حجم النسيج الورمي، و مدى نموه عبر الأنسجة المجاورة، و مدى انتقاله خصوصا إلى الغدد الليمفاوية المتاخمة لموضع نشوئه، إضافة إلى مدى انتشاره و انتقاله إلى مواضع و أعضاء حيوية أخرى مجاورة أو بعيدة.
و يستخدم الأطباء أربعة وسائل للاستدلال، بُغية توفير المعطيات المطلوبة لتحديد مدى امتداد السرطان بمواضع مختلفة، و في فترات زمنية مختلفة :
· التصنيف بالتشخيص السريري (Clinical-diagnostic staging): أي المعطيات المستخلصة
عن الكمّ السرطاني مما يمكن للطبيب رؤيته و تحسسه، و تحديده بالفحوصات السريرية، و الاختبارات التصويرية مثل الأشعة السينية، و التحاليل المخبرية.
· التصنيف بالتقييم الجراحي (Surgical-evaluative staging): أي استخلاص المعطيات عبر
العمل الجراحي سواء الاستكشافي أو الخزع الجراحي أو كليهما.
· التصنيف عقب المعالجة الجراحية ( Post-surgical-treatment pathologic staging ): أي تحديد تصنيف المرض عقب العمل الجراحي، بتفحص النسيج الورمي مباشرة و تفحص خلاياه مجهريا.
· تصنيف المعالجات المُعادة ( Re-treatment staging ): أي استخلاص المعطيات عن امتداد المرض عند البدء بمعالجات إضافية أو مختلفة كليا، و لنفس الورم.
و بطبيعة الحال تختلف أنظمة التصنيف باختلاف أنواع الأورام، إذ يصنف البعض بدرجات رقمية و البعض حسب تموضعه و انتقاله.
معدلات الشفاء والتكهن بالمردود العلاجي
من المعتاد أن يستخدم الأطباء تعبير معدلات الخمس سنوات شفاء أو نجاة ( five year survival rates )، كمعدل قياسي عند مناقشة و تقدير فرص شفاء الأورام بناءا على تصنيفها، فقد يقال مثلا أن معدلات الشفاء لخمس سنوات للمرضى بورم ما بتصنيف ما، تبلغ 60 % أو 90 %، و يشير هذا المصطلح إلى نسبة المرضى ممن يعيشون خمس سنوات على الأقل منذ تشخيصهم بسرطان معين، حسب الإحصاءات و الدراسات الطبية، و بالطبع يعيش الكثير جدا من المرضى لفترات أطول من هذا المعدل بكثير، غير أن هذا الرقم يمثل الحد الأدنى لاعتبار المريض قد تجاوز مرحلة الخطر، و تجاوز المرحلة التي تزيد فيها احتمالات عودة الورم و يتماثل للشفاء التام، و بطبيعة الحال كلما زادت الفترة الزمنية دون ظهور علامات على عودة الورم أي دون حدوث انتكاس، كلما قلّت احتمالات هذه العودة و زادت فرص النجاة، و بالطبع فان ذلك لا يعني أن الورم لا يعود أبدا، إذ قد يعود بعد عقود من الزمن، و قد لا يعود على الإطلاق، و قد وضعت هذه المعدلات بناءا على معطيات المرضى بورم ما، و الذين عولجوا مبدئيا قبل أكثر من خمس سنوات مضت، بناءا على التصنيف المرحلي و حسب المخططات العلاجية المتبعة لذلك الورم، و من الطبيعي أن التطورات المستمرة في أنماط المعالجات تقدم فرصا اكبر للشفاء لدى المرضي حديثا، و تجدر الإشارة إلى استخدام نفس التعبير، أي سنوات الشفاء القياسية، مع تغيير عدد السنوات ( مثل أربع سنوات أو عشر أو خمسة عشر سنة شفاء قياسية ) عند بعض الإحصاءات الطبية لتقديم فكرة شاملة عن تطور المرضى بورم ما خلال سنوات المعالجة.
و يستخدم الأطباء تعبير التكهن بالمردود العلاجي المتوقع ( prognosis ) أي تقديرات الحالة، بناءا على تصنيف درجة الورم ( Grading )، و التصنيف المرحلي للأورام (staging )، أي التكهن بمدى الاستجابة للمعالجات و استشراف الدلائل عن الشفاء لدى المريض، و بهذا الصدد يلزم أن نضع في الحسبان أن التكهن دائما يبقى مجرد تكهن، و لا يمكن اعتباره قولا جازما، و حدوده تبقى دائما مرتبطة بمحدودية الأبحاث و الدراسات و الإحصاءات الطبية، فثمة الكثير مما لا يزال الطب يجهله، و لا يمكن استخلاص المعطيات عما هو مجهول مما أصبح معروفا طبيا، و لذلك لا يمكن اعتبار ما هو منشور في أي مقالة طبية أو كتاب حول استشراف دلائل الشفاء عن ورم ما كمعطيات جازمة و نهائية عند أي حالة، و الحقيقة انه لا يمكن لأي أحد على الإطلاق التكهن بمستقبل أي مريض بعينه، و دائما ما يقول الأطباء أن كل مريض بالسرطان هو حالة فريدة قائمة بذاتها و ذات وضع خاص و إن كان التشخيص واحدا، و من هنا يُنصح دائما بعدم الربط بين الحالات و بعضها، أو اعتبار أن ما يحدث من تطورات مع حالة ما، سواء جيدة أو سيئة، سيحدث مع غيرها بنفس التشخيص و التصنيف.
تحاليل الدم
تحليل الدلالات الورمية (markers Tumor)
أو تحاليل دلالات السرطان، و تستهدف هذه المجموعة من التحاليل التحري و البحث عن مركبات كيمائية معينة ترتفع نسبة تركيزها في سوائل الجسم المختلفة عند وجود خلايا السرطان، إضافة إلى مواد أخرى و إفرازات تنتج عن الخلايا الورمية، حيث يصاحب تطور بعض الأورام ارتفاع بنسبة الكالسيوم أو بنسبة بروتينات الدم أو بعض الهرمونات، إضافة إلى ارتفاع نسبة بعض الأنزيمات بمصل الدم، و رغم أن هذه التحاليل قد تساعد في التشخيص المبدئي للسرطـان، إلا أنها لا تُعد مؤشرا قاطعا بطبيعة الحال، حيث قد تظهر نفس المعطيات عند نشـوء الالتهابات أو عند التعرض لبعض أنواع العدوى، أو لدى نشـوء الأورام الحميـدة، و بالمقابل يستفاد منها في تقصي تطور الأورام و مدى التجاوب مع العلاجات، حيث يقترب تركيز هذه الدلالات عادة من المعدلات الطبيعية حين يكون حجم الورم صغيرا لدى حالات الأورام الصلبة، غير أنها ترتفع عند تضخم الورم أو عند نشوء أورام ثانوية، أما عند إنخفاض معدلاتها و عودتها إلى المستوى الطبيعي عقب المعالجة، فإن ذلك يُعد مؤشرا على ايجابية المعالجة، بينما إن ارتفعت المعدلات فقد يدل ذلك على إخفاق المعالجة، أو على نشوء أورام ثانوية بمواضع أخرى.
تعـداد الـدم الكـامل ( CBC )
يستهدف تحليل تعداد الدم الكلي إجراء تعداد لخلايا الدم و مكوناتها، من كريات بيضاء و حمراء و صفائح دموية و يحمور الدم و تفرعاتها المختلفة.
كريات الدم البيضاء ( white blood cells )
يتم إحصاء كريات الدم البيضاء بعينة الدم في هذا التعداد، بُغية تقصي وجود نوع معين من الخلايا الـورمية غير البـالغة و الشاذة، و التي يدل وجودها بأعداد غير عادية على وجود اللوكيميا في حالات أورام الدم، إضافة إلى تقصي تأثير المعالجات، حيث تُعد كريات الدم البيضاء من أهم مكونات المنظومة المناعية بالجسم، و تقوم بالحماية من الأنواع المختلفة للعـدوى، و الكائنات الغريبة، من ناحية أخرى تقوم علاجات الأورام المختلفة بإحباط النخاع العظمي و انخفاض معدلاتها بالدم، مما يزيد من مخاطر التعرض للعدوى بسهولة، لذلك من المهم إجراء التعداد دوريا، فقد يتم تأخير المعالجات أو تعديلها إن تبين إنخفاض تعدادها ، و إلى حين عودة معدلاتها إلى مستويات عادية مجددا.
خضاب الدم ( Hemoglobin )
أو اليحمور و هو أهم مركبات كريات الدم الحمراء و يقوم بحمل الأكسجين إلى أنسجة الجسم، و يؤدي انخفاض معدلاته إلى نشوء فقر الدم، الذي بدوره قد يظهر كنتيجة لتأثيرات المعالجات، أو قد يظهر كعلامة على عودة السرطان لدى أورام الدم.
الراسب الدموي ( Hematocrit )
يحدد تعداد الراسب الدموي النسبة ما بين البلازما بالدم و الكريات الحمراء، مما يحدد مدى فاعليتها، و يدل انخفاض تعداده أيضا على وجود فقر بالدم.
تعـداد الخلايا المتعـادلة الكـلي ( Absolute neutrophil count ANC )
و يسمى أيضا تعداد العَدلات ( neutrophils ) الكلي بكريات الدم البيضاء، و هو مقياس مهم لمقدرة الجسم على مقاومة العدوى، و يتم ذلك بقياس النسبة ما بين تعداد هذه الخلايا و التعداد الإجمالي للكريات البيضاء، و بصفة عامة القيمة لأكثر من 1000 تعني أن مقدرة جسم المريض على مقاومة العدوى تقترب من الحدود العادية.
تعـداد الصفائح الدموية ( Platelet count )
تقوم الصفائح الدموية بتكوين التجلطات و إغلاق موضع النزف عند حدوث القطوع أو الجروح بالأنسجة، و ينخفض تعدادها بالدم كتأثير جانبي حين يتلقى المريض المعالجات، وقد ينخفض بسبب من وجود عدوى ما، كما أن انخفاضها قد يدل على وجود اللوكيميا لدى الاطفال بصفة خاصة، و يؤدي نقصها إلى سهولة النزف.
تحاليل كيميائيات الدم
يتم إجراء عدة تحاليل أخرى لقياس نسب العديد من الكيميائيات و الأملاح بالدم، و تحديد فاعلية وظائف الكبد و الكِـليتين، و تُجرى هذه التحاليل بصفة دورية لتحري الحالة الصحية العامة للمريض، و تأثير العلاجات المتلقاة.
و هي مجموعة من الفحوصات المستخدمة على وجه الخصوص في تشخيص و تصنيف أورام الدم و الأورام الليمفاوية، و بعض من الأورام الصلبة مثل مجموعة أورام يوينغ، و تستهدف هذه التحاليل دراسة التغيرات بالحمض النووي للخـلايا الورمية، و التغيرات و التبادلات في أنواع الصبغيـات الوراثية، إضافة إلى الكشف عن الخـلايا السرطـانية، باستخدام ضـدّيات الجسيمـات الغريبة ( Antibodies )، مما يمكّن من تحديد نوع الورم و خواصه الحيوية و التخطيط للمعالجات المختلفة، إضافة إلى التكهن بمدى المردود العلاجي المتوقع و مدى الاستجابة للمعالجات، و تُجرى هذه التحاليل على خلايا العينات المستخلصة من النخـاع العـظمي و السائل المُخّي الشوكي و الغدد الليمفاوية و عينات الدم، و خزعات أنسجة الأورام، و تتحرى التغيرات الشاذة سواء في حجم هذه الخلايا أو سلوكها أو سماتها المظهرية تحت المجهر.
تحاليل الكيمياء الخـلوية ( Cytochemistry )
بعد أن يتم تثبيت خلايا من العينة على شرائح مجهرية، تتم صباغتها بأنواع مختلفة من الصبغات الخاصة التي تنجذب إلى نوع محدد من الكيمائيات يتواجد فقط ببعض أنواع الخلايا الورمية اللوكيمية، فمثلا، يُستخدم نوع معين من الصبغات يجعل الحبيبات بأغلب خلايا اللوكيميا النخاعية تظهر على هيئة بقع سوداء تحت المجهر، غير أنها لا تُحدث أي تغير لوني بخلايا اللوكيميا الليمفاوية.
التعـداد الخلـوي المتعـاقب ( Flow cytometry )
و تُستخدم هذه التقنية أحيانا لفحص الخلايا بعينات الدم و النخاع العظمي و الغدد الليمفاوية، و هي دقيقة في تحديد نوع خلايا اللوكيميا أو الأورام الليمفاوية اللاهودجكن، و تتم بمعالجة الخلايا بأنواع خاصة من ضدّيات الجسيمات ( Antibodies )، التي تنجذب لأنواع محددة من الخلايا الورمية، و يتم تمريرها أمام حزمة ضوئية من أشعة الليزر، فإن احتوت العينة على أي من هذه الخلايا فإن الليزر سيظهرها بلون مختلف، و من ثم يقوم حاسوب بقياسها و تحليلها بدقة، و يستخدم هذا الفحص أيضا لتقدير كمية الحمض النووي في الخلايا اللوكيمية، و من ثم تقدير سلوكها المحتمل، فمثلا، تكون خلايا اللوكيميا الليمفاوية الحادة ذات المحتوى المرتفع من الحمض النووي، أكثر من 16 % فوق المعدل العادي، أكثر حساسية تجاه عقاقير العلاج الكيماوي.
تحليل الكيمياء المناعية الخلـوية (Immunocytochemistry)
و تشبه طريقة هذا الفحص التعداد الخلوي، إذ تتم معالجة خلايا من خزعة النخاع العظمي بنوع خاص من ضدّيات الجسيمات المعملية، و لكن بدلا من استخدام الليزر و الحواسيب في التدقيق، يتم معالجة الخلايا بحيث تتغير ألوان بعض أنواعها، و يمكن تمحيص التغيرات اللونية تحت المجهر بدقة، و تُعد هذه الطريقة مثل التعداد الخلوي مفيدة للتمييز ما بين خلايا الأنواع المختلفة للوكيميا و بين خلايا الأورام الأخرى.
تحاليل المورثات الخلوية ( Cytogenetics )
تحتوى الخلايا البشرية الطبيعية على 46 صبغيًا ( chromosomes و هي أجزاء من الحمض النووي و بروتينات تتحكم في دورة حياة الخلية و عمليات الأيض )، و في بعض أنواع اللوكيميا، يتصل جزء من احد الصبغيات بجزء من صبغي مختلف، فيما يُعرف بتبادل عُرى الصبغيات (Translocation )، و من الممكن عادة تقصي هذه التبادلات تحت المجهر، و يساعد تمييزها في تحديد الأنواع المختلفة من اللوكيميا سواء الليمفاوية أو النخاعية، إضافة إلى أن بعض أنواع اللوكيميا يوجد بخلاياها عدد اكبر من الصبغيات فوق العدد الطبيعي، و تمييزها يساعد في التكهن بالمردود العلاجي، فمثلا، خلايا اللوكيميا الليمفاوية الحادة التي يظهر بها عدد 50 صبغياً هي أكثر تأثرا بالعلاج الكيماوي، بينما التي تحتوى على عدد يقل عن 46 صبغياً، فهي أكثر مقاومة للعقاقير الكيماوية.
التحاليل الجزيئية الوراثية (genetic studies Molecular)
ثمة مواد معينة تُعرف بمتلقيات مولدات المضاد، أو متلقيات المغاير ( antigen receptors )، تكمـن على السطح الخارجي للخلايا الليمفاوية، و لهذه المتلـقيات دور فعّال في إطلاق تفاعلات الجهاز المنـاعي تجاه مختلف الأجسام الغريبة و أنواع العـدوى، و يتواجد بالخلايا الليمفاوية العادية عدد كبير من المتلقيات التي تساعد في تفاعل الجسم لمقاومة العديد من أنواع العدوى، و حيث أن اللوكيميا الليمفاوية مثلا تنشأ في البداية من مجرد خلية ليمفاوية شاذة واحدة، بالتالي تتواجد بجميع الخـلايا اللوكيمية عند المريض نفس متلقي مولد المضاد، و تعتبر التحاليل المعملية لسلسلة عمليات الحمض النـووي، ( التي تتضمن المعلومات الخاصة بالمتلقيات بكل خلية )، طريقة مؤكدة في تشخيص اللـوكيميا الليمفاوية و تصنيفها، لأن لكل نوع فرعي منها متلقيات مختلفة الخـواص عن غيرها، و عموما فهذا التحليل معقد و مكلف و لا يُعد ضروريا عند أغلب الحالات.
الفحــوصات التصــويرية
و تتم هذه الفحوصات بالتقاط صور بدنية داخلية مختلفة و بعدّة وسائل، بُغية تكوين صورة واضحة عن التغيرات بالأنسجة داخل الجسم و مدى وجود الأورام، و مواضعها إن وجدت و مدى انتشارها، و بصفة عامة لا تُعد مثل هذه الاختبارات مؤلمة للمريض، غير أن بعض الآلات قد تخيفه بشكل أو بآخر، مثل جهاز المرنان المغناطيسي الذي يُصدر أصواتاً عالية. وسوف نتطرق لها بالتفصيل في المرة القادمة باذن الله.