كان بشر بن مروان شديداً على العصاة , فكان إذا ظفر بالعاصي اقامه على كرسي وسمر كفيه في الحائط بمسمار , ونزع الكرسي من تحته فيضطرب معلقا حتى يموت . وكان فتى من بني عجل مع المهلب وهو يحارب الازارقة , عاشقاً لابنة عم له , فكتبت إليه تستزيره ؛ فكتب إليها :
لو لا مخافة بِشْرُ أو عقوبته ***** أو ان يشد على كفي مسمار
إذن لعطلت ثغري ثم زرتكم ***** إن المحب إذا ما اشتاق زوَّار
فكتبت اليه :
ليس المحب الذي يخشى العقاب ***** ولو كانت عقوبته في إلفه النارُ
بل المحب الذي لاشيء يمنعه ***** أو تستقر ومن يهوى به الدارُ
فلما قرأ كتابها عطل ثغره , وانصرف إليها , وهو يقول :
أستغفر الله إذ خفت الأمير ولم ***** أخش الذي أنا منه غير منتصر
فشأن بِشر بلحمي فليعذبه ***** أو يعفو عفو أمير خير مقتدر
فما أبالي- إذا أمسيت راضية ***** ياهند- ما نيل من شعري ومن بَشَري
ثم قدم البصرة , فما أقام إلا يومين حتى وشى به واش الى بِشر ؛ فقال : علي به! فأُتي به , فقال : يافاسق , عطلت ثغرك! هلموا الى الكرسي , فقال : أعز الله الأمير , إن لي عذراً , فقال : وما عذرك ؟ فأنشده الأبيات , فرقَّ له , وكتب الى المهلب فأثبته في أصحابه .
بشر بن مروان : امير كان سمحا جوادا , ولي العراقين لاخيه عبدالملك ,توفي سنة 75 هـ
الثغر : موضع المخافة من فروج البلدان
***