من أجمل ما قيل من أبيات الشعر

بكت للفراق وقد راعها

بكاء المحب لبعد الديار

فأمطرت لؤلؤاً على خدِّها

بقيَّةُ طل على جلَّنار

***

قبَّلْتها ورشفت خمرة ريقها

فوجدت نار صبابة في كوثر

ودَخْلتُ جنة وجهها فأباحني

رضوانُ المرجوُّ شربَ المسكرِ

***

قالت متى الظعن يا هذا فقلت لها

إما غداً زعموا أو لا فبعد غدِ

فأمطرت لؤلؤاً من نرجسٍ وسقت

ورداً وعضَّت على العنَّابِ بالبَرَدِ

***

عذولي لست أسمع منه قولاً

على غيداء مثل البدرِ تمَّا

له طرفٌ ضريرٌ عن سناها

ولي أذنٌ عن الفحشاء صمَّا

***

لا يكذب المرء إلا من مهانته

أو فعله السوء أو من قلة الأدب

لبعض جيفة كلب خير رائحة

من كذبة المرء في جد وفي لعب

***

وربّ ليالٍ في هواها سهرتها

أراعي نجوم الليل فيها إلى الفجر

حديثي عالٍ في السهاد لأنني

رويتُ أحاديث السهاد عن الزهري

***

يا لائمي في هواها

أسرفت في اللوم جهلا

ما يعلم الشوق إلا

ولا الصبابة إلا

***

وعودٍ به عادَ السرورُ لأنه

حوى اللهو قِدْما وهو ريَّانُ ناعمُ

يغربُ في تغريدِهِ فكأنه

يعيد لنا ما لقنته الحمائمُ

***

وناطقةٍ بالنفخ عن روح ربِّها

تعبر عما دوننا وتترجم

سكتنا وقالت للقلوبِ فأطربت

فنحن سكوت والهوى يتكلم

***

ثلاثة يعزُّ الصبر عند حلولها

ويذهل عنها عقل كل لبيب

خروجُ اضطرارٍ من بلادٍ يحبها

وفرقة إخوانٍ , وفقد حبيب

***

وساقٍ كالهلال سعى بكأس

لربَّةِ نرجسٍ فسقى وحيَّا

فقلت تأمَّلوا بدراً منيراً

سقى شمساً وحيَّا بالثريَّا

***

ساقٍ صحيفةُ خدِّهِ ما سوَّدَتْ

عبثاً بلامِ عذارِهِ وبنونِهِ

جَمد الذي بيمينهِ في خدهِ

وجَرىَ الذي في خدِّهِ بيمينِهِ

***

لو متُّ من كثرة الأشواق وانبدلَتْ

مدامعي بدمٍ من كثرةِ السَّهرِ

ما اخترتُ عنكَ سلوّاً لا ولا نظرَتْ

عيني لغير محيا وجهِك القمرِ

***

تمرّ الصَّبَا صفحاً بساكنِ ذي الغَضَا

ويُسرعُ قلبي إذ يهبُّ هبوبُهَا

قريبَةُ عهدٍ بالحبيبِ وإنما

هوَى كلُّ نفسٍ أين حلَّ حبيبُهَا

***

حبُ الكذوبِ من البليَّةِ

بعضُ ما يحكى عليه

فمتى ما سمعتَ بكذبةٍ

من غيره نُسِبَتْ إليه

***

ما يعرفُ الحزنَ إلا كل من عشِقا

وليس مَنْ قال إني عاشقٌ صَدَقا

للعاشقين نحول يعرفون به

من طولِ ما حالفوا الأحزانَ والأرقا

***

ما عالجَ الناسُ مثلَ الحبِّ سَقَمٍ

ولا برى مثلُهُ عظماً ولا جسدا

ما يلبث الحبُّ أن تبدو شواهدُه

من المحبِّ , وإن لم يُبدِهِ أبدا

***

وقائلةٍٍ ما بال جسمك سالماً

وعهدي بأجسامِ المحبّينَ تَسْقَمُ

فقلت لها قلبي بحبك لم يبحْ

لجسمي فجسمي بالهوى ليس يعلمُ

***

ولي فؤادٌ إذا طال السَّقَامُ به

هام اشتياقاً إلى لُقيا مُعَذِّبِهِ

يَفدِيك بالنفسِ صَبٌّ لو يكون له

أعزُّ من نفسِه شيءٌ فداكَ بِهِ

***

وإني رأيت الدهرَ منذ صحبتُهُ

محاسنُهُ مقرونةٌ ومعايُبهْ

إذا سرني في أول الأمر لم أزَلْ

على حَذَرٍ من أن تذم عواقبُهْ

***

إلى الله أشكو جَوْرَ أهيفَ شادنٍ

وقعتُ فما لي من يديه خلاصٌ

جرحت بعيني خدَّه وهو جارحٌ

بعينيه قلبي والجروح قصاصُ

***

قد كنت أسمَعُ بالهوى فأكذّبُ

وأرى المحبَّ وما يقول فأعجبُ

حتى رميت بحلوِهِ وبمرِّهِ

مَنْ كان يتَّهمُ الهوى فيجرّبُ

***

يا من سُقامي من سُقام جفونِهِ

سوادُ حظِّي من سواد عيونِهِ

قد كنت لا أرضى الوصالَ وفوقه

واليوم أقنعُ بالخَيَالِ ودونِهِ

***

وتفاحةٍ من سندس صيغ نصفُها

ومن جلنارٍ نصفُها وشقائقُ

كأن الهوى قد ضمَّ من بعد فرقةٍ

بها خدَّ معشوقٍ إلى خدِّ عاشقِ

***

الدهر أدَّبني والصبر ربَّاني

والقُوت أقنعني واليأس أغناني

وحنَّكَتْني من الأيام تجربةٌ

حتى نَهَيْتُ الذي قد كان ينهاني

***