نشرت صحيفة المدينة هذا اليوم الجمعة الموافق 1/1/2010م حوار مع سبعينية من اهالي الخوبة بقلم المحرر الصحفي علي ابراهيم خواجي اشار فيه الى صبر تلك المرأة وشجاعتها حيث لقبها بالحديدية حيث كتب:
لم يكن الجندى هو البطل الوحيد فى نزال الحرب ضد المتسللين بالخوبة بل هناك أبطال آخرون قدموا نماذج مضيئة وأثبتوا معدن الانسان السعودي الأصيل .. ومريم الكعبي عجوز تجاوزت السبعين من عمرها رفضت ترك منزلها ذى الجدران المهتزة بفعل القصف اليومى وتمسكت بتلابيب أيامها الجميلة التى قضتها فى أحضان هذا البيت المتهالك وكأنها تدافع مع حماة الوطن عن حضنها الصغير . كلمات عفوية بررت بها الكعبي إصرارها على البقاء رغم كل النداءات التى ترجوها للنزوح والإخلاء حفاظا على حياتها . وعبارات تدلل على إيمانها الكامل بأن الموت ساعة لا تفرق بين نيران على الرأس ونوم هانئ على الوسادة .. 55 يوما والعجوز تنام فى قلب النيران داخل بيتها بقرية ضلف التابعة لبتول الخوبة دون أن تشعر بارتجافة الخوف . كانت فقط تطل على آثار القصف المدفعى للمتسللين وتقسم بأن النصر قريب . لا تتعجبوا فللعجوز ميزان عسكرى حساس تميز به وتفرّق بين قصف الفرسان وطلقات المرتجفين
الغريب فى” المرأة البطل” يتمثل فى دم الفروسية التى يجري داخلها رغم كبر العمر . فالكعبي تحمل عصاها فى يدها وكلها ثقة ان هذه العصا تكفى لهزيمة المتسللين ودحرهم . إيمان بالله وثقة فى النصر وسخرية من العمر بل واكتفاء بماء ودقيق ليكونا هما فقط زاد ايامها التى عاشتها بعيدة عن ضوء الشمس.
الحكاية التى أذهلت المتابعين ترويها المرأة السبعينية بصوتها الهادىء وعلى ثغرها ابتسامة لا تغيب قائلة أنا لا أريد ثناء من أحد فانا ابنة الوطن الكبير. أنعم كما ينعم غيري بخيره وعطائه ، لم ترهبنى طلقات الغدر ولا رصاص الخوف فأنا امرأة تملك القدرة على التفريق بين القوة والضعف. كنت على ثقة أن فرسان الوطن مكتوب لهم النصر لأنهم يدافعون عن الحق ولا شىء سوى الحق أما المتسللون فكانت ملامح الخوف ترتسم على وجوههم حتى ولو ادّعوا غير ذلك.
وعن عصاها الخشبية قالت هذه العصا أحملها فى يدى تعيننى على المسير واستند عليها خشية السقوط ولا اخفيكم انها صارت مع الأيام سلاحا يكفى لتحقيق النصر . وأضافت العجوز الكعبي طعامى طيلة الـ 55 يوما كان ماء ودقيق وهو طعام اشبعنى وكفانى فنحن نأكل لنعيش حياتنا لا نحيا من أجل الركض وراء الزاد. أبنائي واحفادى نزحوا من القرية بعد الأوامر الصادرة من محافظة الحرث الا إننى رفضت وبعد أيام اشتدت الحرب وعلا صوت النيران ووصل المتسللون للقرية ورغم ذلك لم اشعر بالفزع .. ايام قضيتها حبيسة المنزل حتى تمكن فرساننا البواسل من تطهير القرية واخراج المتسللين منها وكانت نجاة الوطن ومن ثم نجاتى أنا .. صدقونى ما أحلى النصر وما أعظمهم ابطالنا فى ميدان الشرف .